السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

قناة السويس.. وعرش البترول

يخطئ من يتصور أن إمبراطورية البترول قد زالت، وأن الذهب الأسود قد سقط من على عرشه.. ففي خمسة أيام فقط عاد البترول يهزُّ بقوة أركان الاقتصاد العالمي، ويُعيد ذكريات نصر أكتوبر المجيدة حين أوقف القادة العرب بزعامة الملك فيصل، رحمه الله، تصدير البترول.

لقد عادت قناة السويس والحاوية الجانحة تهز الإعلام العالمي أمام ارتفاع أسعار البترول، وبدء الحديث عن كارثة جديدة تهدد أسعار البترول في العالم..

كانت أهمية البترول في السنوات الأخيرة قد بدأت في التراجع أمام انخفاض أسعاره والبحث عن بدائل، وزيادة الإنتاج العالمي أمام الاكتشافات الجديدة، وساد اعتقاد خاطئ بأن البترول فقد عرشه، وجاءت حاوية قناة السويس «إيفر غرين» لتعيد الأحداث إلى الوراء عشرات السنين، وتتجه عيون العالم إلى أهم مجرى عالمي.. ويعود الحديث عن العشرات من ناقلات البترول، وماذا يفعل العالم إذا أغلقت قناة السويس فترة طويلة وتوقف تصدير البترول.


لقد أفاق العالم فجأة، واكتشف الكنز التاريخي الذي يسمي قناة السويس التي خدمت العالم عشرات السنين، وأدرك أن البترول لا يزال حتى الآن متربعاً على قمة الاقتصاد العالمي، وأنه يستطيع في لحظة ومن خلال سفينة واحدة أن يغير كل الحسابات..


عاد الذهب الأسود يحرك وسائل الإعلام في كل الدول الكبرى والصغرى، وما بين المنتجين والمستهلكين والتجار والبورصات العالمية.

إن قصّة السفينة الجانحة سوف تفتح آفاقاً جديدة لعالم جديد. صحيح أن أياماً قليلة أغلقت فيها الحاوية أهم مجري ملاحي في العالم، ولكنها تركت أكثر من سؤال حول مستقبل البترول، وأكدت على أنه لم يفقد عرشه ولا أهميته، وأن قناة السويس مشروع تاريخي لا بديل له وغير قابل للاستنساخ وأن العالم يمكن في لحظة أن يجد نفسه أمام تحديات صغيرة ولكنها تغير حسابات كل شيء.
إن تجربة سفينة جنحت في قناة السويس عدة أيام تحولت إلى قصة طويلة، ترتبت عليها آثار ضخمة ما بين عشرات السفن التي توقفت ومليارات الدولارات من الخسائر، والسبب في ذلك كله جنوح سفينة أربكت العالم كله.. أشياء تبدو صغيرة ولكنها كبيرة في عالم يفقد اتزانه في لحظات.

إن أخطر رسالة حملتها السفينة الجانحة في قناة السويس، هي أن هناك أموراً تبدو صغيرة، لكنها يمكن أن تحدث زلزالاً يغير كل الحسابات، وأن البترول لا يزال عصب الاقتصاد العالمي، وأن العالم العربي في يديه مفتاح الحضارة ما دام يملك البترول وقناة السويس.