الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

قناة السويس.. صدمة الأيام الستة

لا تزال «قناة السويس» تمثل الممرّ الذي لا ندّ له للربط بين أوروبا وآسيا

انتهت الأزمة العالمية للنقل البحري التي بدأت يوم 23 مارس بسبب جنوح حاملة الحاويات «إيفير غيفن» بشكل مفاجئ يوم 29 مارس الماضي.

حدث ذلك بعد أسبوع من المُحاولات المضنية لإعادة تعويم سفينة الشحن العملاقة التي أغلقت قناة السويس تماماً، وهي الممر الحيوي للنقل البحري العالمي، ويأتي هذا الحادث ليذكرنا بأشياء منسيّة أو أصبحت من الأمور البديهية.


يقضي أولها بأن الأهمية الجيوسياسية لمنطقة الشرق الأوسط باقية لم تتغير، ولقد كانت هذه الأيام العصيبة كافية لإعادة تحويل اهتمام العالم الذي كان يتركز على التنافس التجاري والاستراتيجي بين الولايات المتحدة والصين في المحيط الهادي-الهندي، نحو منطقة الشرق الأوسط بسبب أهميتها الاستراتيجية، وبمجرد الإعلان عن إغلاق القناة، تذكّر الكثيرون مدى حيويّة وقوة تأثير هذا الممر المائي العظيم.


وثاني الأمور التي يذكرنا بها هذا الحدث هو أن قناة السويس هي بحد ذاتها شأن عالمي، ولا تزال تمثل الممرّ الذي لا ندّ له ولا نظير للربط بين أوروبا وآسيا.

وتعود ملكية السفينة «إيفير غيفن» لشركة «شواي كايسن كايشا» اليابانية، ومستأجرة من شركة شحن الحاويات التايوانية «إيفير غرين» Evergreen، وتتكفل بإدارة عملياتها البحرية شركة ألمانية، وكل البحارة العاملين على متنها من ذوي الجنسية الهندية، وعملت السلطات المصرية المكلفة بإدارة شؤون القناة على تنفيذ عمليات إعادة تعويم السفينة بدعم من شركة «رويال بوسكاليس» الهولندية.

ثالثاً: بالرغم من أن الحادث عالمي الطابع من حيث أبعاده وتداعياته، إلا أنه يبقى قضية مصريّة بامتياز لأن كل ما يتعلق بالقناة يُعتبر من القضايا السيادية المصرية، ولنتذكر هنا أن مئات ألوف المصريين فقدوا حياتهم أثناء حفرها أو عند استعادتها من قوات الاحتلال الأجنبية وحمايتها، ومن المعروف أيضاً أن عملية حفر القناة شارك فيها أكثر من مليون عامل مصري.

والأمر الرابع اللافت للانتباه هو أن المصريين أظهروا قوتهم وقدرتهم على معالجة المشاكل الطارئة بعد عقد من الاضطرابات السياسية والركود الاقتصادي، وسجلوا إنجازات باهرة من خلال عمليات التجريف التي كان يتم تنفيذها ليلاً ونهاراً تحت السفينة العملاقة الجانحة، وهم الذين يعملون على متن سفينة التجريف «مشهور»، وكذلك قباطنة وبحارة القاطرات الذين نجحوا في سحب السفينة العالقة في الرمال، بالاستفادة من قوى جذب القمر والشمس التي ساعدت على حدوث مدّ مرتفع أسهم في تعويم السفينة، ويذكرنا كل هذا بأن الثروة الأساسية والحقيقية لمصر تكمن في شعبها وأبنائها.