الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الرياض بغداد.. طريق الخلاص

لا يمكن بحالٍ من الأحوال أنْ تقوم المعادلة العربيّة الصحيحة المنتجة لدورٍ عربيٍّ فاعلٍ دون رؤيةٍ مشتركةٍ في مستواها الأدنى من القناعة والإرادة المتمثلة في أن الدول العربية جسم واحدٌ، مرتبطٌ عضوياً بالروح العربية وعصبها في المشروع الموحد.

وانطلاقاً من هذه الرؤية التي ناضلت ولا تزال تناضل من أجلها دول مجلس التعاون الخليجي، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة منذ زمنٍ بعيدٍ؛ ولا سيما بعد أحداث الربيع العربي التي عصفت بالخيمة العربية، يأتي التقارب السعودي - العراقي الذي طال انتظاره، ليكون بارقة أملٍ وخطوةً كبيرةً في إرساء دعائم المنطقة العربية وعودتها إلى سكّة النهوض من جديد، وذلك من خلال عدّة معطياتٍ سياسيةٍ وأمنيةٍ واقتصاديةٍ، منها:

أولاً، المعطى السياسي: وهو المعطى الأهم الذي ترتكز عليه جميع المعطيات الأخرى، ويتمثل بحجم كلٍّ من الرياض وبغداد التاريخي بما تمتلكانه من المقومات الجيوسياسية والاقتصادية والفكرية والثقافية، بالإضافة إلى الموارد البشرية لفرض الكلمة العربية ومصلحة العرب على المنطقة.


ثانياً، المعطى الأمني: فالأمن هو الهاجس الأكبر الذي يؤرّق المنطقة، ويهدر طاقاتها جرّاء توغل المشاريع المعادية في الجسد العربي ومحاولة زعزعته من الداخل، وبخاصةٍ في العراق الذي حولته الميليشيات إلى بلدٍ تحكمه الأجندات بعيداً عن مصالحه الوطنية؛ وهو الحصن الأول في مواجهة هذا المشروع الذي يطمح إلى هضم المنطقة العربية بالكامل، الأمر الذي يجعل التكاتف العراقي - السعودي ضربةً قاسيةً على رأس هذا المشروع المدمّر.


ثالثاً، المعطى الاقتصادي: الاقتصاد اليوم هو عماد أي نهضة بصرف النظر عن ماهيتها، لذلك فهو أساس النهضة العربية التي أصبحت ضرورةً ملحةً، وتعد كلٌّ من المملكة والعراق من الاقتصادات الفتيّة القادرة على تحويل الطموحات إلى إنجازات، لغزارة مواردهما النفطية والزراعية والسياحية وحتى الصناعية، وإذا ما تحقّق المعطيان السياسي والأمني وخرج العراق من بوتقة الأجندات الخارجية التي يحاربها اليوم رئيس الوزراء العراقي «مصطفى الكاظمي»، ليتكامل مع الاقتصاد السعودي ومن ثم مع الاقتصاد العربي، الموحد الذي يفرض كلمته على المنطقة ولا غلو إذا قلنا العالم أجمع.

لذلك وضمن هذه المعطيات فإن التقارب السعودي - العراقي يعدّ البوابة لعودة العراق إلى الحضن العربي، وعودته إلى هويته الوطنية والقومية، ما يجعله خارطة طريق تؤسس لمرحلة الخلاص وعودة الاستقرار الكامل للمنطقة ضمن إطار المصلحة العربية العليا.