السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الإمارات ــ العراق.. الجسر الممدود

ليست كلمات عابرة ولن تكون.. إنها حرص دائم، وعودة مُقْنِعة، وأفق واعد، تلك العبارات المتداولة في الخطاب السياسي الإماراتي في راهنيّة الفعل، وفي واقعية الأحداث، تجاه العراق، منذ أن دعت الضرورة لذلك، ولم يأتِ ذلك من حيازة لجغرافية فضاء المكان بين شدٍّ وجذب، لما قد يخيل للبعض أن الأمر أصبح حتماً مقضيّاً في ذهاب أو نهب أو استقطاع للعراق خارج محيطه العربي.

لقد جاءت العبارات في الخطاب الرسمي الإماراتي كاشفة عن وجود علاقة لم تنقطع، فقط تحتاج اليوم إلى مدٍّ يكون ابناً شرعيّاً لإرادة سياسيّة واعية، تشي برشد قد يؤهل المنطقة كلها إلى مزيد من التعاون، استناداً إلى علاقات قائمة بالفعل ـ في الماضي والحاضر ـ تحتاج فقط إلى دفعها نحوها، وربما الصيغة الأقرب للفهم، هي تلك التي بدت جلية في قول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة: «إنّ زيارة الكاظمي ستقوّي الجسر الذي يربط بين دولة الإمارات والعراق».

لقد سبق لمحمد بن زايد أن عمق هذا المفهوم عند زيارة الرئيس العراقي برهم صالح إلى الإمارات في 11 فبراير الماضي، حين شدد سموه على «العمق العربي الاستراتيجي للعراق، واعتباره ركيزة أساسية من أسس العمل العربي المشترك»، ولكن كيف يتحقق ذلك؟، ومتى؟.
لا يمكن عودة العراق إلى عمقه العربي من منظور استراتيجي دون توفر شروط موضوعية، اختصرها سموه في تأكيد «حرص دولة الإمارات على تحقيق استقرار العراق وأمنه، وصون سيادته ووحدته ومكتسباته، ومواصلة دعم كل ما فيه الخير لشعبه الشقيق».


وما كان لهذا الخطاب الإماراتي الصريح أن يحمل وعداً بتغير حقيقي ييسِّر العلاقة بين الدولتين، ويسير بها نحو أهدافها المرجوة لو لم يتحول إلى فعل ظهر في مباحثات ولي عهد أبوظبي ورئيس الوزراء العراقي «مصطفى الكاظمي»، والتي شملت التعاون بين البلدين في المجالات التنموية والاقتصادية والاستثمارية والسياسية، كما بحثا فرص توسيع التعاون في قطاعات الصحة والطاقة والبنية التحتية والعمل على إقامة المشاريع الحيوية المشتركة.


هكذا يتضح لنا بداية تشكل استراتيجية الجسر الممدود، دون خوف أو قلق من الوضع العراقي المتأزم، الذي يسعى الكاظمي للخروج منه، معلناً بوعي رؤيته الوطنية ذات الصلة بالأخوة المرفقة بمصالح متبادلة ومشروعة، بدت واضحة في قوله: «نحتاج إلى أن يقف إخواننا في دولة الإمارات مع العراق في إعادة بنائه، ونحن نقف مع أشقائنا الإماراتيين لحماية تجربتهم التنموية».. إن مد جسر إماراتي نحو العراق، يعني دخول المنطقة كلها مرحلة جديدة، وقد تتبعها جسور أخرى.. المهم أن قطار التغيير انطلق، وذاك هو الحدث.. والهدف.