تُعتبر «الاستراتيجيات الحرّة والمفتوحة في المحيط الهادئ-الهندي» TOIP إحدى أنجح الأفكار والرؤى الفعالة في ميدان السياسة الخارجية التي اقترحتها اليابان، خلال ولاية رئيس الوزراء السابق شينزو آبي، وقد أعلن عنها ضمن اجتماع القمة الذي انعقد في العاصمة الكينية نيروبي في شهر أغسطس 2016 تحت شعار «مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية الأفريقية».
وتقضي بوضع تصوّر استباقي لحالة المجتمع الدولي بعد أن يتم تدعيم الاستقرار والازدهار من خلال تعاون القارتين، أو مركزي التنمية في آسيا وأفريقيا.
ويربط بين القارتين محيطان، الهادئ والهندي، وتضع اليابان في قمة أولوياتها السياسية الخارجية الحفاظ على القطاع المائي الواصل بينهما حرّاً ومفتوحاً.
ومن أجل تحقيق هذا الهدف، عملت على تعزيز علاقاتها مع الهند والولايات المتحدة وأستراليا، وهي القوى الأساسية ذات الحضور البارز في هذه المنطقة البحرية الشاسعة، وخاصة بعد تأسيس تكتل «الحوار الأمني الرباعي» Quad.
وفي البداية، اصطدمت الفكرة ببعض الآراء الناقدة والمتشككة، ولكن عندما تبناها وزير الخارجية السابق «ريكس تيلرسون» في شهر أكتوبر من عام 2017، ثم عمد الرئيس دونالد ترامب نفسه للترويج لها، بلغت ذروة الاهتمام بها.
وهكذا بدأت هذه الفكرة بالبروز حتى تحولت إلى مفهوم واسع للتشاور والتعاون، ولقد تم مؤخراً إدماج الاسم الكامل لهذه الاستراتيجية في المصطلحات المتعلقة بالأمن القومي للولايات المتحدة، ثم ما لبثت فرنسا وبريطانيا وهولندا وحتى ألمانيا أن لحقت بالركب.
وسرعان ما استجابت فرنسا مؤخراً للمبادرة من خلال الانضمام إلى فعاليات العمل الرباعي، ابتداء من يوم 5 مارس الماضي ولمدة 3 أيام عندما قادت مناورات تدريبية بحرية مع الدول الأربع في خليج البنغال، حتى أصبح يُطلق على الدول الخمس اسم «مجموعة كواد زائد فرنسا».
وأصبحت الهند ــ ببطء وثبات ـ مركزاً للمناورات المشتركة للدول المتعددة المسؤولة عن تأمين الطرق البحرية التي تربط بين آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط، والخليج هو الجزء الأكثر أهمية في هذه الممرات البحرية.
وليس من المستغرب أن تتعاون دولة الإمارات مع الهند وفرنسا في أول مناورة بحرية ثلاثيّة الأطراف في الخليج العربي وخليج عُمان التي تقرر إجراؤها بين 25 و27 أبريل الجاري.
وبهذا تكون الدبلوماسية اليابانية قد نجحت بتعميق جذورها، وسوف تمثل الزيارة المهمة التي سيقوم بها رئيس الوزراء الياباني يوشيهيدي سوغا إلى الولايات المتحدة وعقد لقاء قمة مع الرئيس جو بايدن في 16 أبريل الجاري الخطوة التالية لتدعيم هذه الإنجازات، وتعميق نتائجها.