الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

زعيمات من أفريقيا الحديثة

في حديثها عن دورها السياسي في حل أزمة الحرب الأهلية في بلادها، قالت: «كنت دائماً سيدة الحوار التي تصغي جيداً لأسئلة الآخرين»، وفي مناسبة أخرى قالت «عملت على تهدئة النفوس والعقول كي تكون جميع الأطراف مستعدة للمصالحة الوطنية الشاملة»، عبارات تفيض بحكمة قالتها كاثرين سامبا بانزا، التي ترأست جمهورية أفريقيا الوسطى بين عامي 2014 و2016، وكان لها دور كبير في تلك الفترة في تخفيف حدة الحرب الأهلية، ومحاولات إعادة بناء الاقتصاد المنهار في الجمهورية.

لم تكن كاثرين وحدها، كان حولها وخلفها شعب أفريقيا الوسطى بمآسيه وآماله، وكانت بجوارها منظمة الأمم المتحدة تتخذ إجراءات مساندة لها في مساعيها للسلام، وفي شجاعة واعتراف بالشراكة عبّرت عن شكرها لشعبها الذي دعمها والذي عبّر عن إصراره على النهوض من كبواته المتكررة.

كاثرين سامبا هي واحدة من خمس سيدات أفريقيات تمكنّ مع مطلع الألفية الحالية من الوصول إلى سدة الحكم في بلادهن، وبأدوات ديمقراطية، وتداول سلمي للسلطة، أول سيدة أفريقية تصل إلى منصب الرئيس هي إلين جونسن سيرليف عام 2006، التي تولت رئاسة ليبيريا، وآخرهن رئيسة تنزانيا المسلمة والمحجبة سامية حسن صلوحي عام 2021، ولا يمكن استثناء الدكتورة تغوزي أوكونجو إيويلا وزيرة المالية السابقة في نيجيريا التي عينت مؤخراً رئيسة منظمة التجارة العالمية في فبراير 2021، لتكون بذلك أول امرأة تترأس منظمة التجارة الدولية، وأول (أفريقي) يترأس المنظمة أيضاً.


هذا الحضور النسوي الأفريقي اللافت على مستوى العالم هو نتاج حراك تقدمي كبير داخل القارة السمراء.. أفريقيا التي عُرفت تاريخياً بأنها خزان للعبودية ومنجم للثروات المنهوبة من يورانيوم وألماس وشوكولاتة، وبلاد الحروب الأهلية والمجاعات والأوبئة، تضع بصمتها الجديدة بصفتها مرممة للإنسان الأفريقي المنتهك تاريخياً، وداعمة للمرأة التي تصنف دائماً بأنها الحلقة الأضعف في المجتمع.


إذا أردت أن تقيس تحضُّر شعب ما، فأحد مؤشرات تحضره هو موقفه (الثقافي والاجتماعي والسياسي) من المرأة، فالمجتمع الذي يتيح فرصاً للمرأة للتساوي مع الرجل، ثم الدخول في تنافس معه، قد يؤدي إلى تفوقها عليه، هي مجتمعات متحضرة، وهذا ما تعبر عنه أفريقيا الجديدة.

أفريقيا اليوم ليست أفريقيا الأدغال والقبائل والأساطير والرقص وقرع الطبول، أفريقيا اليوم تخوض معارك للاستقلال الحقيقي، وتسجلُ تجارب نوعية للنمو الاقتصادي، وتضخ للعالم خبرات بشرية في مختلف المجالات، وتضع المرأة في واجهة المشهد السياسي المحلي والدولي، وتمنحها حق اتخاذ القرارات السياسية الكبرى.