الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

المُراوغات الرسميَّة

تضطر الحكومات أحياناً لتغليف مواقفها وقرارتها بغلاف دبلوماسي في حالة ما إذا لم تكن ترغب في تقديم الحقيقة للمواطنين، فيما يمكن تسميته بـ«المراوغات الرسميَّة»، لكن يجب أن تكون المراوغة على مستوى عالٍ حتى لا تتكشف للعامة من الناس، وتصبح «أكاذيب رسمية».

بتاريخ 11 أبريل كان مقرراً أن تنعقد اللجنة الحكومية الجزائرية ـــ الفرنسية العليا، وفجأة ألغيت قبل 24 ساعة من موعدها، ولم تقدم أي دولة توضيحات مقنعة للرأي العام.

لكن وسائل الإعلام قالت: إن الجزائر لم تكن راضية عن مستوى التمثيل الوزاري، وفي باريس نقل الإعلام الفرنسي عن الحكومة أن وباء كورونا اضطرها لتقليص الوفد لأنه من الصعب أن يلتقي المسؤولون فيما بينهم.

وهكذا فتح الباب أمام المحللين للتفسير، فالوفد المشارك في مثل هذه الاجتماعات يكون معلوماً للطرفين وقبل أسابيع كثيرة، والتحضير لهذه الدورة تم منذ أشهر، خاصة أن هذه اللجنة أنشأت عام 2012 ولم تجتمع منذ 2017 بسبب الوضع السياسي في الجزائر من جهة ووباء كورونا من جهة أخرى.

نتيجة لذلك يتولد السؤال عن سبب تخفيض فرنسا مستوى التمثيل من نحو 10 وزراء كما قال الإعلام الفرنسي إلى 4 فقط، أما قضية كورونا فهي ليست عاملاً حاسماً في تأجيل الاجتماع، لأنه قبل 24 ساعة فقط اجتمع وفد عسكري فرنسي رفيع المستوى، قاده رئيس الجيوش الفرنسية مع وفد جزائري رفيع أيضاً ترأسه رئيس الأركان السعيد شنقريحة. ثم إن وباء كورونا في فرنسا ليس جديداً، بل معلوم منذ مدة وعلى صعيد عالمي، وهكذا، استنبط المحللون أسباباً أخرى تكون هي التي أدت لتأجيل الاجتماع، منها:

- قيام حزب ماكرون، عشية الزيارة، بفتح مكتب له في مدينة الداخلة الصحراوية.

- قيام وزير العمل الجزائري، خلال استجوابه من قبل مجلس الأمة، عشية الزيارة، بالقول: «إن فرنسا هي العدو التقليدي والأبدي للجزائر»، وهو أمر يزعج محيط الرئيس ماكرون بعد عدة قرارات لحلحلة ملف الذاكرة.

وهذان الموقفان يعطيان الفرصة للجماعات الضاغطة في البلدين والرافضة لتحسين العلاقات الثنائية.

لكن هناك أسباب أخرى، فربما تكون فرنسا قد عبرت مبكراً عن دعوة الجزائر إلى احترام حقوق الإنسان والحريات وإطلاق سراح معتقلي الرأي من نشطاء الحراك، وقد تكون رفضت الطلب الجزائري بتسليم المطلوبين المقيمين في أراضيها، والذين صدر ت في حقهم أوامر توقيف دولية، وهذا يزعج الجزائر.