الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

أزمة سدّ النهضة.. ودورنا الإعلامي

بعيداً عن حسابات السياسة، وقراءة العرب لعلاقتهم فرادى على مستوى الدول في السلم والحرب، وبعيداً أيضاً عن تحمل تبعات الجهر بالقول علناً: إن ما يحدث اليوم من توتر في علاقاتنا الخارجية هو محصلة انهيار الجبهة الداخلية، فإننا على المستوى الإعلامي ـ سواء بإرادتنا أو بسلطة المؤسسات الرسمية ـ لا نقدم وفاء خالصاً لمهنتنا، يجعلها قوة ضغط على صُنَّاع القرار.. صحيح أننا لا نسبق في الغالب القرار السياسي، لكن في مقدورنا أن نكون ملازمين له، أو مفسرين له لا مبررين، ذلك أن معرفة الدور المطلوب ضمن قواعد المهنة، يساعدنا بل يُيَسِّر لنا سبل الوصول إلى المعرفة من حيث هي حماية لدولنا من التراجع أو التهور عند صناعة القرار.

وإذا كنّا لا نملك حق البقاء على الحياد في تناول القضايا المختلفة، مما غيَّر مسار واجبات مهنتنا من «التعرية» إلى«التغطية»، كما يفرض علينا ـ في الغالب ـ سفاهة قاعدة «لا أُرِيكم إلاَّ ما أَرى»، فإننا قادرون على توجيه الرأي العام، كما هي الحال في مرات كثيرة، بعضها واقع الآن، ومرشح للتكرار والظهور من جديد، على النحو الذي تكشفه قلّة واعية لم يلهِها الإعلام ولا بريقه، ولا حتى مكاسبه، وللخروج من مأزق تلك العلاقة المتوترة بين سلطة السياسة وسلطة الإعلام لِنَسْعَى بجدّ إلى تغيير الواقع من خلال توسيع دائرة المعرفة، لكن كيف يتم ذلك؟

اليوم، أمامنا حالة راهنة لها انعكاساتها على الدول العربية كلها مستقبلاً، وهي المتمثلة في أزمة سد النهضة بين مصر وإثيوبيا، ففي ظاهرها تبدو مسألة ـ من ناحية الأطراف العربية ــ مصرية وسودانية في مواجهة إثيوبيا، أو لنقل للحفاظ عن صيغة «تعايش مائي» بين الدول الثلاث كما كانت في الماضي، ثم عمّقت لتغدو كأنها قضية مصرية خالصة، وأيضاً سودانية بعد إبعاد العناصر الظاهرة والفاعلة لجماعة الرئيس السابق عمر حسن البشير.


لقد وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود، ومعطيات كثيرة راهنة تشي بأن إثيوبيا على وشك الوصول إلى تحقيق هدفها بدعم دولي مادي، وحتى معنوي، هذا إذا لم تباغت بمفاجآت اللحظة الأخيرة، كما تشير المعطيات أيضاً إلى أن مصر مصرّة على حقوقها المائية، وتحظى بدعم دولي نظري لا يملك قوة إلزام للطرف الإثيوبي، أو لنقل لا يرغب في الضغط العملي على إثيوبيا، لأسباب كثيرة، أقلها أن مصالح بعض الدول مرتبطة بسد النهضة الإثيوبي.


كل هذا حديث السياسة، الذي يلهث وراءه الإعلام في شقه الخبري، لكن ماذا عن الأبعاد الأخرى للموضوع، والتي من أهمها: معرفة أثيوبيا من الداخل (الجغرافيا، التاريخ، الدولة، المجتمع)؟.. يبدو أننا سنظل في انتظار تحرير مهنتنا.