الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

«الحماية الاجتماعية» في المغرب

يعتبر مشروع الحماية الاجتماعية في المغرب مرحلة متقدّمة في مسلسل الإصلاح الذي يعيشه العهد الجديد، ومساهمة مغربية - عربية لإغناء مفهوم الدولة الاجتماعية في سياقه الدولي، الذي شهد تجارب عديدة ومختلفة في أوروبا وأمريكا، منذ سبعينيات القرن الماضي ضمن ما يُعرف بالدّولة الحامية.

وكما هي حال الدّول العربية، شهد المغرب منذ عقود خلت اختلالات بيّنة في منظومة الحماية الاجتماعية، إذ لم تتجاوز ميزانياته المتعاقبة التّي ترصدها الدّولة لهذه الحماية 5% من النّاتج الدّاخلي الخام، وسبق لتقرير صادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي سنة 2018 التأكيد على أنّ المغرب وفق منظّمة العمل الدّولية يندرج ضمن البلدان «الأقلّ استثمارا في الحماية الاجتماعية»، بحيث إنّ 60% من الّذين تتجاوز أعمارهم 60 سنة لا يحصلون على معاشات الشّيخوخة.

هذا ما نبّه إليه الملك محمد السّادس في يوليو الماضي بمناسبة خطاب العرش، بتأكيده على أن أزمة كورونا قد «كشفت عن مجموعة من النواقص، خاصة في المجال الاجتماعي، ومن بينها حجم القطاع غير المهيكل وضعف شبكات الحماية الاجتماعية، خاصة بالنسبة للفئات الأكثر هشاشة»، وتفعيلا لدستور 2011 الذي يقرّ في المّادة 31 «حقّ الموطنين في الحصول على قدم المساواة، على العلاج والعناية الصحّية وعلى الحماية الاجتماعية والتّغطية الصحّية»، أعطى الملك يوم الأربعاء الماضي( 16 أبريل الجاري) إشارة إطلاق تنزيل أهم مشروع اجتماعي في تاريخ المغرب، وهو سابقة عربية وإفريقية، باعتباره ينصّ على تعميم الحماية الاجتماعية على جميع المغاربة بدون استثناء، وقد شملت هذه الإشارة التّوقيع على الاتفاقيات التّي لها صلة بالمرحلة الأولى والتي تتطلّب سنويا 51 مليار درهم أي ما يعادل 5,7 مليار دولار، حيث سيتمّ الإنجاز الكلّي لهذا المشروع تدريجياً عبر خمس سنوات.


تتدرّج هذه المراحل انطلاقاً من تعميم التّغطية الصحّية لفائدة التّجار والحرفيين والفلاّحين العمّال المستقلّين بالإضافة إلى أسرهم، وهذا يمثّل 22 مليون مستفيد إضافي، وتخصّ المرحلة الثّانية تعميم التعويضات العائلية التّي ستغطّي 8 ملايين طفل، فيما تهمّ المرحلة الثّالثة توسيع قاعدة المنخرطين في أنظمة التّقاعد عام 2025 لتضمّ الأشخاص الذين يمارسون عملاً ولا يستفيدون من أيّ معاش، وأخيراً تشمل المرحلة الرّابعة الاستفادة من التعويض عن فقدان الشّغل عام 2025 وتبسيط شروط هذه الاستفادة وتوسيعها.


إن الفعل الاستباقي المغربي لتعزيز نظام حمايته الاجتماعية يندرج ضمن استراتيجية كبرى لتأهيل المغرب للالتحاق السلس بالدول الصّاعدة، أساسها تحييد الأزمات وما تنتجه من صدمات قد تربك الاستقرار الدّاخلي وتماسك الأفراد، كما أنّ هذا الحسّ الاستباقي سيؤدّي إلى تعزيز الرأسمال البشري، ويقوّي الإنتاجية ويحدّ من التفاوتات ويعمل على بناء قدرة جماعية واعية لمواجهة الأزمات.