الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

تونس.. اليوم صبر وغداً أمر

في أوضح إشارة على أن الرئيس التونسي قيس سعيّد، لديه استراتيجية محددة يعمل وفقها للإطاحة بكافة الأطراف السياسية مرة واحدة وبكل هدوء ورويّة، أطلق تهديده الأخير: «اليوم صبر وغداً أمر»، بحضور رئيس الحكومة هشام المشيشي، ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، بعد أن أعلن نفسه ضمناً قائداً أعلى للقوات العسكرية والمدنية.

تهديد سعيّد جاء بعد أقل من أسبوع على مهاجمته المباشرة لحزب النهضة «إخوان تونس» الذي يقوده الغنوشي، عندما صرّح من مسجد الزيتونة ليلة الأول من رمضان بأن «الله توجه إلى المسلمين والمؤمنين وليس إلى الإسلاميين، والنبي إبراهيم كان مسلماً ولم يكن إسلاميّاً».

استراتيجية الرئيس التونسي خرجت هذه المرة من قالب التصريحات المبطنة والتورية اللغوية، لإيصال رسائله إلى الأطراف السياسية التونسية، ووجه تهديداته وهجومه مباشرة إلى رئيسي البرلمان والحكومة، وتيار الإسلام السياسي المتمثل بالنهضة، وبذلك يبدو أن سعيّد انتقل إلى مرحلة جديدة من معركة «الصلاحيَّات» التي يخوضها منذ اليوم الأول لتسلمه سدة الرئاسة.

الرئيس التونسي يدرك أنه إذا ما أراد الانقلاب على النظام السياسي الحالي بشكل كلي لن يجد أطرافاً سياسية تؤيده، فهو قادم من ملعب مختلف تماماً لا يتمتع بأي نفوذ أو شبكة مصالح، لذلك فهو يسعى منذ فترة للسيطرة على القوات الأمنية والعسكرية، رغم أن وزارة الداخلية تتبع مباشرة لرئيس الحكومة، إلا أن سعيّد يفسر الدستور على هواه وبما يضمن له السيطرة على الأمن والجيش معاً، بالشكل الذي يمكنه من تنفيذ المرحلة النهائية من معركة «الصلاحيات».

ما يحدث في تونس ليس أكثر من معركة بين رئاسة طامحة لنظام رئاسي كامل، وتيار«الإسلام السياسي» المتمسك بنظام شبه برلماني يمكنه من البقاء في الحكم عبر السيطرة على البرلمان، وهذا ما يؤكد أن كلاً من الرئيس القادم من بين نصوص القانون الدستوري وفق التشريعات، والإسلاميين القادمين من رحم التنظيم العالمي للإخوان، لا يحاربان من أجل نظام سياسي عادل يخدم الشعب التونسي، بل كلاهما باحث عن سيطرة ونفوذ، عبر فرض النظام الذي يناسب مصالح كل طرف وأهدافه.

باختصار، مقولة الرئيس التونسي «اليوم صبر وغداً أمر» وإسقاطاتها التاريخية واستخداماتها السياسية، قد يناسب قولها الشعب التونسي أكثر مما يناسب الطبقة الحاكمة، ولعلَّ الشعب التونسي هو مَن يمارس صبراً عظيماً إزاء ألعاب السياسيين البهلوانية، وقد يأتي غد الشعب بعد أن ينفد صبره مما يجري.