الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

قناة السويس ومستقبل الممرّات المائية

طالبت الشركة التايوانية التي تمتلك السفينة التي علقت في قناة السويس ستة أيام في شهر مارس الماضي، الهيئة العامة للقناة بدفع غرامة تبلغ 900 مليون دولار، وهو تطور يمثل بداية لمواجهة قضائية معقدة وطويلة المدى، ولا تزال السفينة التابعة لشركة «إيفرغرين» التايوانية راسية بحمولتها الضخمة البالغة 24 ألف حاوية في منطقة البحيرات بعد أن نجحت 400 سفينة بعبور القناة ووصلت إلى مقاصدها عقب الحادث.

وكان من محاسن الصدف أن السفن المتأخرة لم تكن تحمل شحنات المواشي الحية، ويمكن للمرء أن يفترض أن حمولاتها كانت تتضمن قطع غيار السيارات والهواتف اليدوية والشاي وقطع الأثاث وغيرها، المصنوعة في آسيا والمتوجهة نحو الأسواق الأوروبية، ويقال إن هيئة القناة، وبالتالي الخزانة المصرية، ربما تكون قد تكبدت خسائر تراوح بين 10 و15 مليون دولار يومياً أثناء الإغلاق.

إلا أن الخسارة الكبرى لا تقف عند هذا الحد، بل تتعلق بضخامة مبلغ الغرامة الذي تطالب به الشركة المالكة للسفينة، والذي يؤكد أن قناة السويس ليست محصّنة ضد الحوادث الطارئة أو الهجمات الإرهابية المحتملة التي يمكنها تعطيل المبادلات التجارية بين الشرق والغرب.


وتمثل بعض البدائل الممكنة والتي يمكن تشغيلها للاستغناء عن خدمات القناة، احتمالاً مقلقاً بالنسبة لمصر لأن القناة تُعتبر المساهم الأكبر في دعم الميزانية المصرية، وبعد أن أصبحت الصين «مصنع العالم»، كرّست جهودها لإنجاح استراتيجية «طريق واحد، جسر واحد» والتي تتلخص ببناء خطوط السكك الحديدية والطرق السريعة الحديثة التي تربطها بأوروبا عبر بلدان آسيا الوسطى، وسوف يؤدي استخدام هذه الطرق الجديدة إلى تخفيض زمن الرحلة إلى أوروبا إلى 15 يوماً، بالرغم من أن القدرة الاستيعابية للطرق البرية أقل بكثير من قدرة السفن التي تعبر الطريق الآخر أو قناة السويس.


ولعلّ أكثر ما يثير القلق هو التطور السريع لفكرة استخدام الطرق والممرات البحرية البديلة التي يتيحها انصهار الصفائح الجليدية للقطب الشمالي، فخلال الشتاء الماضي، تطلّب الأمر 11 يوماً فقط، حتى تمكنت سفينة تجارية من قطع المسافة بين الصين وميناء روتردام الهولندي، أو ما يعادل ثلث المسافة البحرية التي تصل بين البلدين عن طريق قناة السويس، وبعد أن بلغ الحجم الإجمالي للتبادل التجاري باتباع ذلك الطريق 32 مليون طن عام 2020، فإن من المتوقع أن يصل إلى 80 مليون طن عام 2024.

إنها بلا شك أخبار سيئة لمصر وللعالم أيضاً.