الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

الامتحانات.. والواقع الجديد

اعتاد العالمُ أنماطاً محدّدة من الاختبارات على مدار عقودٍ، واستعداداً للامتحان يعتكف الطالب أو المهني في صومعته شهوراً ضمن معسكرِ تحضير وتأهيل، إلا أنّ واقع الجائحة غيَّر المعادلة، وشاعت الحسرة لكثرة ما يتم تأجيل الاختبارات خاصة «المفصليّة» منها وذات «التنافسية الشديدة» لأهميتها أكاديمياً ومهنياً ودورها في تحديد المسار الأكاديمي والمهني.

هاتفني أحد أبنائي منذ فترة من أمريكا الشمالية، ونبرات صوته يعتريها التذمّر، بثّ لي شكواه: «لا أعرف ما أقول، تم تأجيل الاختبار للمرة الثالثة، وفي كلّ مرة أمضي في طريقي من حيث أقيم إلى مقرّ الاختبار أكثر من 4 ساعات، وفي اللحظة الأخيرة يتم التأجيل، وأعود أدراجي متحسّراً على ما أنفقته من وقت وجهد في الاستعداد ورحلة السفر».

ويُكمل سرد نفس الحكاية في رسالة مطولة أحد المحامين عن الشهور التي أمضاها في الاستعداد لاجتياز اختبار مهني في مجال المحاماة في دولة أفريقية، فإذا به يُفاجأ قبل الموعد بأيام بتأجيل الاختبار لظروف كورونا.

وقبل ذلك بأسابيع تواصل معنا العديد من الطلبة والباحثين والمهنيين ممن كانوا قاب قوسين أو أدنى من الحصولِ على شهاداتٍ مهنية واجتياز اختبارات مفصلية في رحلتهم العلمية والعملية، لولا الإجراءات الاحترازية الاستثنائية التي حالت بينهم وبين مرادهم، ولكن تعطّلت قاطرة الإنجازاتِ بسبب التأجيلات لعدة مرات، واعتلى المشهدَ شيئ من الضبابية وعدم وضوح الرؤية المستقبلية حتى من اجتازوا الاختبارات، لم يحققوا طموحهم الوظيفي بعد، في ظل شبه الإغلاق في العديد من مناطق العالم.

بالطبع هنالك مؤسسات تكيّفت مع ظروف الجائحة، وتمكّنت من إتمام إجراءات الاختبارات عن بُعد، إلا أن العديد من الجهات تشترط الحضور الشخصي لطبيعة تلك الاختبارات، خاصَّة في مجال الطيران والمجالات العملية.

إلى كل من تعثّرت مسيرتهم العلمية أو المهنية، إنها لأقدار بأن تخوضوا رحلة التأهيل والتمكين في خضمّ الجائحة، فإما التأقلم مع ما يطرأ من مستجدات، وإما مقاومة التغيير ومغادرة القطار عند أقرب محطة، وتأجيل الرحلة، أو تغيير المسار.

طوبى لمن ارتدى رداء القبول والرضا والمرونة، ففي الوقت الذي تأجلت خطوة تحسبها مصيرية، خسر الكثيرون أعمالهم وتقطّعت بهم سبل العيش الكريم، وفَقَد أكثر من 3 ملايين حياتهم، مخلفين أحبة يُكابدون الفقد والألم، ولا يزال 180 مليون مُصاب يصارعون فيروساً جائحاً جامحاً.