السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الليبيون.. نحو مصالحة شاملة

لا شكّ أن الوضع في ليبيا صعب، خاصة في وجود الجماعات المسلحة والتوترات الأمنية والاختفاء القسري، والاغتيالات، والقتل خارج إطار القانون، وهذا الوضع يؤكد على أهمية المصالحات المجتمعية لرتق النسيج الاجتماعي.

لذلك كان من أولويات الحكومة الجديدة الاهتمام بهذا الملف، الذي شهد عدة مرات مصالحات وطنية مدنية، ومجهودات مشكورة حتى وإن كانت على مستوى ضيق.

لكن خطوة تأسيس المفوضية العليا للمصالحة الوطنية، من قبل المجلس الرئاسي الجديد، تعتبر من أولويات المرحلة الراهنة، ذلك أن تحقيق المصالحة الوطنية والاجتماعية الشاملة في ليبيا يسهم في تحقيق السلام وضمان احترام حقوق الإنسان، وفي تعزيز الوحدة والتسامح والعدالة وحقوق الإنسان، وترميم النسيج الاجتماعي، بين مكونات المجتمع الليبي.

وأن هذه المفوضية حسب ما جاء يوم الإعلان عنها ستكون صرحاً لجميع الليبيين وجبر الضرر وتحقيق العدالة فيما بينهم بما يكفله القانون، وستعمل على إنتاج ميثاق العمل الوطني الليبي والذي بموجبه يتم تحديد محددات التعايش السلمي والمشاركة الفاعلة في الحياة العامة، إضافة إلى استحداث مؤسسة مستقلة ترعى مخرجات الحوار والمصالحة الوطنية، فضلاً عن دور القبائل والمدن الليبية، باعتبارهما حلقتين من حلقات التواصل والتفاهم المجتمعي للاستفادة من الحاضنة الاجتماعية في إنجاز المصالحة.

وبحسب مهتمين يمكن تعريف المصالحة الوطنية بأنها تعني التسامح واحترام مبادئ أكبر وأعلى وتقديم مصلحة الوطن على المصالح الشخصية، ونبذ الفرقة والكراهية، والعيش وفق مفهوم العدالة والمساواة وإطار الحرية التي أقرتها الشرائع الإنسانية والقوانين، بعيداً عن الانجراف وراء التجاذبات السياسية والأيديولوجية.

إن مستقبل ليبيا وتقدمها، في إيجاد حالة من التوافق والسلم المجتمعي المرتبطين بقدرة شعبها على معالجة الجراح وتحقيق مبدأ العدالة المنشودة.

من ناحية أخرى، يتمنى الليبيون ــ بعد عشرة سنوات من الانقسامات والحروب ــ الوصول إلى مصالحة شاملة يعودون فيها أخوة يمكنهم التنقل في كل أنحاء البلاد دون خوف وإيقاف على الهوية.

الليبيون لهم باع طويل في مجال المصالحة المجتمعية والوطنية، ولعل «ميثاق الحرابي» الذي صدر في 18 أبريل عام 1946، والذي كان هدفه التعامل مع إرث الاحتلال الإيطالي لليبيا. حيث دعا إلى توحيد المجهودات وتضافرها من أجل قضية البلاد، حتى يتقرر مصيرها وتؤسس فيها حكومة وطنية.. تلك الوثيقة كانت الأولوية فيها المطالبة بحق الأمة.