الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الشرق الأوسط.. وصراع النفوذ الدولي

الشرق الأوسط منطقة مقدر لها أن تبقى دائماً في عين العاصفة، فبرغم كل مشكلاتها وأزماتها، فإنها منطقة نفوذ دولي وصراع بين القوى العالمية، الراغبة في إظهار عضلاتها ومشاكسة بعضها بعضاً.

المنطقة اليوم تكاد تكون ساحة حرب باردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا وإن بمستويات مختلفة، فالصراع الصيني ــــ الأمريكي على النفوذ في الشرق الأوسط أشدُّ ضراوة وتكافؤاً من الدور الروسي، وإن كان الأخير لا يخفي رغبته في المحافظة على مكتسباته التي حققها بواسطة تدخله العسكري المباشر في المنطقة.

تنافس واشنطن وبكين على النفوذ بالمنطقة ليس مجرد صراع اقتصادي على سوق استهلاكية ضخمة أو محاولة للسيطرة على منابع النفط، بقدر ما هو تنافس محموم على زعامة العالم، ومحاولة صينيَّة شرسة لتغيير قواعد اللعبة في النظام العالمي، وهذا ما أكده الرئيس الصيني شي جين بينغ أكثر من مرة، رافضاً هياكل القوة المهيمنة في نظام الحكم العالمي.

النفوذ الأمريكي نفوذ متجذر في المنطقة ومحمي بوجود عسكري قوي وتداخل سياسي عميق مع دول المنطقة، إلا أن بكين وجدت طريقها إلى «قلب» المنطقة عبر وصفتها الاقتصادية وتركيزها على ربط اقتصاديات الشرق الأوسط باقتصادها، سواء عن طريق مشروع «الحزام والطريق» أو الربط المباشر، عبر تمويل المشاريع التنموية الضخمة في الدول الأقل دخلاً.

روسيا لا تقل طموحاً عن الصين في صراع النفوذ على المنطقة، رغم أنها لا تمتلك القدرات والإمكانات التي تمتلكها بكين لإزعاج واشنطن في إحدى أهم مناطق نفوذها، بل إن تركيزها يكاد ينصب على سوريا وإيران بوصفهما مجال نفوذها الرئيسي، بعكس الصين التي تمكنت من بناء شبكة علاقات ونفوذ اقتصادي مع أغلب دول المنطقة، وهذه الشبكة تدعمها وتعززها قدرة بكين على التغلغل في مناطق أخرى من العالم.

ولعل التذبذب الأمريكي تجاه المنطقة عزز من التغلغل الصيني ــــ الروسي في الشرق الأوسط، إذ رأى العديد من الدُّول أن الاعتماد على واشنطن كحليف أوحد قد يكلف الكثير، خاصة وأن أمريكا ذات سوابق عديدة في التخلي عن حلفائها، وهذا ما يعطي للقوى الدولية الأخرى قوة دفع كبيرة لتنفيذ أجنداتها وسياستها إزاء دول المنطقة.

باختصار، الشرق الأوسط له دور كبير في رسم ملامح النظام العالمي الجديد، ويبدو أن الصين عازمة على ربط اقتصاديات المنطقة باقتصادها لمعادلة النفوذ العسكري والسياسي الأمريكي، وفي ذات الوقت تحاول موسكو أن تصبح عرّاب بعض الأنظمة من خلال حمايتها عسكريّاً، وتغطيتها ضد قرارات مجلس الأمن الدولي.