الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

بايدن.. والحلم الأمريكي

في الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من (40) مليون فقير يتخبطّهم الجوع، فيما يتم طرد الآلاف من منازلهم كل يوم، ولا يحظى عشرات الملايين من الأمريكيين بالرعاية الصحية، وعليهم أن ينتظروا قافلة طبية خيرية، أو أن يذهبوا إلى مراكز إغاثة إنسانية.

وفي الولايات المتحدة الأمريكية أكبر شركات العالم، وأعظم جامعات المعمورة، وفيها ناسا وهوليوود، ونيويورك تايمز وسي إن إن، كما أن فيها وادي السيليكون ونخبة من أبرز رواد الإبداع والابتكار في العالم.

إن السؤال هو: أيهما هي أمريكا؟ هل هي أمريكا ناسا أو أمريكا الـ40 مليون فقير؟ هل هي أمريكا التي أنزلت طائرة هليكوبتر على سطح المريخ، أم هي أمريكا التي نهشتها كورونا، بحيث أصبحت «نيويورك» مركزاً لأخبار المرض والموت قرابة العام.


إن أمريكا ليست حلم الأمريكيين فحسب، بل حلم الكثيرين حول العالم. ولكن الحلم الأمريكي داخل الولايات المتحدة قد بدأ في الانكسار يوماً بعد يوم، ويظهر الحلم في هوليوود وصور ناطحات نيويورك، أما داخل المجتمع الأمريكي فلا أخبار أبرز من أخبار الجريمة والأزمة الاقتصادية.


لقد جاء خطاب الرئيس جو بايدن بمناسبة مرور (100) يوم على رئاسته لافتاً لانتباه الداخل والخارج، وإذا كان من عنوان لهذا الخطاب فهو محاولة «استعادة الحلم الأمريكي»، أو محاولة استحداث دولة الرفاهة لدى الإمبراطورية الأقوى في العالم.

إن خطاب بايدن واحد من أهم تحولات الفكر السياسي الأمريكي، فلقد تجاوز كارتر وكلينتون وأوباما في السعي إلى «العدالة الاجتماعية»، وإعادة الاعتبار إلى الطبقة الوسطى، وضبط معاناة الفقراء، وتحميل الأثرياء مسؤوليّة استعادة الأمل في البلاد.

يتحدث الرئيس بايدن عن مجانيَّة «رياض الأطفال» و«الكليات المجتمعية»، وعن الحق في رعاية الأبناء ومرضى العائلة، كما يتحدث عن الوجبات الغذائية للأطفال والعائلات محدودة الدخل، فضلاً عن دعم المنح الطلابية.

إن مجمل ما أعلنه بايدن في الـ100 يوم الأولى يصل إلى (6) تريليونات دولار، منهم (2) تريليون دولار في مواجهة جائحة كورونا، ونحو (2) تريليون دولار أخرى في خطة بايدن للبنية التحتية، و(2) تريليون ثالثة في «خطة العائلات الأمريكية».

استخدم بايدن كلمات حاسمة في عرض رؤيته للعدالة الاجتماعية: «يجب دعم الطبقة الوسطى التي قامت ببناء هذه البلاد»، «حان الوقت لكي تبدأ الشركات الأمريكية وأغنى (1%) من الأمريكيين في دفع نصيبهم العادل».

إن رؤية بايدن تمثل تغييراً كبيراً في أمريكا، وحسب تعبير السيناتور الجمهوري «تيم سكوت» الذي نام في أثناء الخطاب: «تعمّد جو أن يكون مُمِلاً، لكن جوهر ما قاله هو تغيير جذري».

سينتقد الجمهوريون تريليونات بايدن، لكن حتى البيض الذين أيدوا ترامب، سيجدون دعماً كبيراً لهم في رؤية بايدن.

إن انتقادات الجمهوريين انتقادات مهمة، لكن ما يفعله بايدن ببساطة هو محاولة تجديد الحلم الأمريكي، أن يعيش الأمريكي حياة جيدة في ظل الإمبراطورية.