السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

العنف ضد المرأة.. الزيادة والحماية

السؤال الملح في مسألة تصاعد حالات العنف ضد المرأة في عالمنا العربي، وبلوغها مستوى الجرائم الجنائية والقتل، هو: هل كانت حالات العنف ضد المرأة موجودة بالنسبة والشدة ذاتها؟ أم أن ثمة متغيرات ثقافية واجتماعية وربما اقتصادية وسياسية هي التي ضاعفت من وقوع تلك الحالات؟ الجواب الذي أتصوره: أن العنف ضد المرأة كان يمارس بنسبة وشدة أكبر، ولكن وُلُوجنا في العالم المفتوح بفعل وسائل التواصل الاجتماعي، هو ما أسهم في كشف قليل منه.

السؤال الثاني: ألا يفترض أن مستوى التحضر (المعقول)، الذي بلغه الوطن العربي يحد من شدة تلك الممارسات العنيفة ونوعيتها؟ فمن المفترض أن ارتفاع نسبة التعليم والانفتاح تحد منها، ولكن أين المشكلة؟

يظن البعض أن الحديث عن العنف ضد المرأة مبالغ فيه بسبب النفوذ الذي حظيت به الاتجاهات النسوية، وأنه لا ينفصل عن العنف المجتمعي عامة، وهذا غير صحيح مطلقاً، إذ إن العنف ضد المرأة بواعثه النظرة الدونية لها، بأنها كائن ضعيف وناقص لا يستحق سقفاً أعلى من الحرية واتخاذ القرار، وأن عليها ألا تتجاوز الصورة النمطية أنها تابعة للرجل (وخاضعة) له، وهذه الأفكار يتبناها قطاع واسع من النساء، بل ويدافعن عنها.


وعلى الرغم من التوسع في القوانين والتشريعات التي تعزز حقوق المرأة في العالم العربي، وتحد من العنف ضدها، وعلى الرغم من الارتقاء في برامج تمكين المرأة، إلا أن فاعلية كل ذلك أثرها متفاوت من دولة إلى أخرى، حيث إن غالب القوانين تصل في نهاية المطاف إلى عدم تطبيق العقوبة، بسبب تنازل المرأة وقبولها بتعويضات مجحفة، تحت الضغوط المجتمعية، أو لأسباب تتعلق بالبنية الاجتماعية والسياسية في الدولة، كما أن برامج تكمين المرأة في الوطن العربي، في كثير من الأحيان، تأخذ طابعا تمييزياً آخر، وهو اقتصارها على النخب النسائية الاجتماعية والاقتصادية التي لا تعاني أبداً من التهميش وانتهاك الحقوق، وبذلك يشعر غالب النساء العربيات بالتمييز مرتين، الأولى من قبل المحيط الاجتماعي القريب، الأسري أو المهني، والثاني من سياسات الدولة الإقصائية ضد بعض فئات المجتمع.


إن السياسات الإقصائية (الباطنة) في استراتيجيات بعض الدول لتحسين أوضاع المرأة هو أحد الأسباب التي تجعل محاولات المرأة الذاتية للارتقاء بنفسها تُمنى بالفشل، وهو الذي يجعل دائرة العنف المجتمعي تستمر ضدها، والجرائم الأخيرة المروعة التي تعرضت لها كثير من النساء هي ناقوس خطر بأن انتقاص المرأة في مجتمعاتنا لا يزال كامناً وفاعلاً وباعثاً على مختلف صور انتهاك حقوق المرأة.