السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

آداب الخلاف.. ماذا تريدُ مني؟

لو حصرنا معظم أسباب الخلافات الإنسانية بين الأفراد، لوجدنا أنّ معظمها يقع تحت أسباب غير موضوعية، وأنها تحتكم إلى آراء أو انطباعات شخصية مسبقة تؤثر على جوهر الخلاف، وتجعله يتشعب، ويتسع، وتبقى القلوب مثقلة بالعتب، أو تموج بالغضب غير المبرر!

لا يوجد أحد منا بلا أخطاء، أو عيوب، ولكن، البعض يتجرَّد من كل أخطائه، وعيوبه، ويتناساها، حينما يريد أن ينتصر لذاته في خلافه معك، وهو مؤشر واضح على عدم جديته في حل الخلاف، فضلاً على تضخم «الأنا» إن وجدت، التي لن تترك مجالاً لفتح حوار إيجابي بين الأطراف، كما أن «الأنا» لا تجعل صاحبها يُقرّ بخطئه تجاهك، أو تحمله جزءاً من المسؤولية، مما يصعّب حل الخلاف.

فكل شخص لا يريد أن يتحمل مسؤوليته في خلافه معك، ويبقى يكيل اللوم، والاتهامات إليك، دونما «مسوِّغ موضوعي» يبرر مواقفه المتعنتة معك، فثق تماماً، بأنك لن تصل معه إلى نتيجة، طالما الخلاف من منظوره الشخصي، هي حرب، يجب أن ينتصر فيها لنفسه عليك!.

والسؤال هنا: ماذا تريد مني؟، هل تُريد أن تسمع مني ما تريد أنتَ أن تسمعه، أو أن أُقرّ بذنب لم أرتكبه معك، ولربما أنتَ من ارتكبه عن عمد معي، ومن ثم تريد تحميل الطرف الآخر مسؤوليته، أو خطيئته؟

في الحقيقة، لا يمكن الوصول لحل مع أي طرف قريب، أو بعيد، يتعاطى معك بمزاجه، أو بمعاييره، وبمشاعر تكتنفها الكراهية، أو الغِيرة المريضة، تتملكه رغبة في الثأر منك كيفما كان، وكأنك خصم حقيقي، يتحيّن الفرص، المواتية، للنيل منك، والتشفّي بك!

من المؤسف، أن يستغل البعض الجانب العاطفي الذي فيك، أو يستغل حاجتك لوجوده في حياتك، حينما تتعاطى معه بقلب مفتوح، وبحنان أبوي/ أمومي، متجاوزاً كل خلافاته معك، كأن توقرّه فوق ما يستحق، وتحترمه أكثر مما يجب، وتقربه منك لأنك لا تريد أن تخسره ولأنه يعنيك، ولكن البعض يعتبره ضعفاً منك، أو خضوعاً، أو إقراراً غير مباشر بأخطائك تجاهه، وهذا يجعله يستمرئ في غروره، ويجعلك تُعيد حساباتك في إسرافك العاطفي هذا، وتنازلاتك السخية، لشخص، لا يمكن أن يقدّر منك مهما عملت، ولن يوفر أي فرصة لقهرك، أو خذلانك!.