الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

مقرات التحكيم الدولي.. وعدسات المحكمين

إن أردت معرفة مكانة دولتك التنافسية في مجال استقطاب التحكيمات التجارية الدولية، عليك بالجلوس بين مقاعد مقرات التحكيم الدولية لتتعرف على الوقائع والممارسات العملية، وتتساءل بعدها: ما الذي يفعله الآخرون أفضل ممَّا نفعله فيما يتعلّق بالمنظومة التشريعية والمؤسسية والحكومية للتحكيم التجاري الدولي؟ وهل يحتاج الوصول إلى الصف الأول إلى التعامل بشفافية مع التحديات لتحقيق الإنجازات، أم رفع سقف التوقعات بلا التزامات؟

ما تقدم كان خلاصة ندوة دولية غنيّة في الطرح والمضمون عقدت مؤخراً على مدار يومين تحت عنوان: «اختيار المقر في التحكيم التجاري الدولي»، بمشاركة 7 محكمين تجاريين دوليين ممارسين يمتلكون عمق المعرفة التحكيمية، وحديث من يشخّص الداء، ويعرف الدواء للوصول إلى مراكز ريادية في سلم تنافسية مقرات التحكيم التجاري الدولي.

أكثر ما يسترعي انتباهك على مدار يومي الندوة، أنك تستشعر وكأنك أمام معالم سياحية على خريطة التحكيم التجاري الدولي، ويتحدث عن كل معلم زائرٌ خبيرٌ بشؤونها وسرّ جاذبيتها، وسبب عالميتها وتميزها بين مقرات التحكيم.

تصدرت 7 مقرات تحكيمية المكانة الريادية بناءً على المسوحات الدورية المستقلة والموثوقة، واستناداً لواقع الممارسات العملية فيها، وجاء ترتيبها كالتالي: لندن، باريس، سنغافورة، هونغ كونغ، جنيف، نيويورك، وانتهاءً بالعاصمة السويدية ستوكهولم.

أما عن أسباب تميّز كل مقرٍّ تحكيمي وتفرّده، فقد أوجزها المحكّمون المتحدثون بكلماتٍ تستحقّ التأمل:

لندن: جاءت في المركز الأول لتبنّي محاكمها رسالة قيميّة عدلية مفادها: «تقديم خدمات (تحقق) إرادة أطراف المنازعة التحكيمية» وليس إرادة التاج البريطاني.

باريس: حلّت في المركز الثاني لأنها أفردت «دائرة مختصة» بمحكمة الاستئناف لنظر كل ما يتعلق بشؤون التحكيم التجاري الدولي من خلال قضاة متخصصين في التحكيم.

سنغافورة: حجزت مقعدها في المرتبة الثالثة بممارسة متفردة وهي أن «قاضي القضاة» الحالي كان محكّماً تجارياً دولياً، وممارساً للتحكيم لضمان فاعليّته.

هونغ كونغ: حققت المرتبة الرابعة لقدرتها على كسب ثقة الأطراف، واهتمامها بتثقيف وتأهيل مجتمع التحكيم وتعزيز بيئته التشريعية ومنظومته المؤسسية.

أما باقي المقرات الأخرى، كجنيف ونيويورك واستكهولم، فقد حظيت بميزات تنافسية متعدّدة أهمها: الحيدة والاستقلال واعتماد اللغة الانجليزية بجانب اللغة الأصلية.

ويبقى السؤال: هل يمكن لعواصمنا العربية ذات الاستراتيجيات الطموحة محاكاة تجارب تلك المقرات الريادية، علّها تلحق بالركب وتنضمّ لقافلة المراتب العشر الأولى عالميّاً في السنوات المقبلة.