الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

مواقف الإمام الثابتة

أجده تجاوزاً كبيراً ذلك التشكيك الذي يقوم به البعض في مواقف الإمام الأكبر شيخ الأزهر دكتور أحمد الطيب حول عدم تقديس التراث الفقهي، وأعتقد أن الإشارة أو اللمز ممن أراد إعطاء الانطباع، وكأن رأي الإمام أتى تالياً وفيه شبهة تبعية هو أمر خبيث ومتجاوز.

تأكيد الشيخ الطيب "أن الدعوة لتقديس التراث الفقهي، ومساواته في ذلك بالشريعة تؤدي إلى جمود الفقه الإسلامي المعاصر، نتيجة تمسك البعض بالتقيد - الحرفي - بما ورد من فتاوى أو أحكام فقهية قديمة كانت تمثل تجديداً ومواكبة لقضاياها في عصرها" هو حديث ليس بجديد عليه.

يتحدَّث الإمام الأكبر عن التجديد وأهميته وضرورته وأوانه، ويشدَّد على أهمية الاجتهاد الجماعي وفرضيته، داعياً إلى عدم تقديس التراث، وإلى إنزاله المنزلة اللائقة دون إفراط أو تفريط، ومحذَّراً من الجمود والتقليد الحَرْفي، وخَلْط الفقه بالشريعة، ناصحاً بالأخذ بالحديث المتواتر في العقائد دون أحاديث الآحاد، وعدم الخلط بين العَقَدي والعملي في الأحكام.

أراد بعض المدافعين عن شيخ الأزهر التأكيد على أن حلقاته التلفزيونية تم تسجيلها قبل شهر رمضان الجاري، وبصرف النظر عن صواب المعلومة أو خطئها، فإن هذا يُعتبر دفاعاً شكلياً عن الإمام، الذي من خلال متابعته العامة والمعرفة بشخصه وشخصيته أستطيع التأكيد أنه بريء من تهمة التبعية، أو تغيير الموقف.

مواقف الإمام وآراؤه منذ زمن تؤكد أنه جاد في توجه تحديث الخطاب وهز المتوارث من مفاهيم لم تعد تتناسب مع العصر، وبالنظر إلى مواقفه السابقة بحياد ونية سليمة، سنجد أن الرجل كان واضحاً ثابتاً في موقفه التحديثي، وسنجد كذلك نفياً واضحاً لأي وقوع في تناقض، أو استجابة لخطابات سياسية خارجية.

مواقف الإمام التي تدل على ذلك، كثيرة ومتعددة، فقي عام 2009 صدر له كتاب "مقالات في التجديد"، من بين ما فيه "إن التجديد الذي ننتظره ينبغي أن يسير في خطين متوازيين، أولهما: «خط ينطلق فيه من القرآن والسنة أولاً، وبشكل أساسٍ، ثم ما يتناسب ومفاهيم العصر من كنوز التراث بعد ذلك.. المطلوب خطاب خالٍ من الصراع ونفي الآخر، واحتكار الحقيقة في مذهبٍ..».

وثاني هذين الخطين المتوازيين للسير في التجديد هو: "خط موازٍ ننفتح فيه على الآخرين، بهدف استكشاف عناصر التقاء يمكن توظيفها في تشكيل إطار ثقافي عام يتصالح فيه أهل الفكر الإسلامي مع الليبراليين".