الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

كيسنجر.. يتوقع الحرب المقبلة

للمرة الثالثة خلال أسابيع قليلة، يقرعُ هنري كيسنجر أجراس الخوف من مواجهة عسكريّة مقبلة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وهما القوتان الأكبر في العالم الآن، حيث يرى أن احتمالات الحرب بينهما مؤكدة، وأنها ستكون أسوأ من الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفييتي، مع تأكيده أن الصين تقدمت بصورة مذهلة.

وفي الأسبوع الماضي اندفع رجال الأعمال والشركات الصينية إلى الأسواق الأمريكية، وقاموا بشراء كميات مذهلة من الأسهم الأمريكية، خاصة في قطاعات التكنولوجيا، وحين حدثت فاجعة كورونا وهبطت أسعار الأسهم في أوروبا وأمريكا اشترت الصين كميات كبيرة منها.

الصين توحشت اقتصاديّاً، وأصبحت تهدد بالفعل الاقتصاد العالمي، ومن هنا تأتي تحذيرات كيسنجر من أن الصراع المقبل سيكون بين أمريكا والصين، لكن الصين ليست وحدها، إنما معها روسيا وإيران، ولن ننسى أيضاً أن الصين تمددت كثيراً في أفريقيا والشرق الأوسط بجانب عمقها الآسيوي.


حسابات العالم تتغير وكل موازين القوى لم تعد كما كانت، وأصبح الخيار الأمريكي إما المواجهة مع الصين مهما كان الثمن أو الانسحاب إلى الداخل في انتظار زمان آخر تسترد فيه أمريكا قدراتها مرة أخرى، والأزمة الحقيقية أن أمريكا خلقت لنفسها عداوات كثيرة فقد حاربت في العراق وأفغانستان وسوريا وساءت العلاقات بينها وبين إيران وروسيا، وإذا حملتها الأقدار إلى حرب مع الصين فهي ليست في أفضل حالاتها.


وعلى العالم أن ينتظر ما تأتي به الأحداث وإن كانت الخرائط تتغير والقوى تتراجع، وهناك عالم جديد لم تظهر ملامحه بعد، وأمريكا الآن تعيد ترتيب أوراقها ومواقعها، فها هي تنسحب من أفغانستان، وتسعى إلى فترة هدوء مع إيران وتتواصل مع روسيا، وقد تتراجع وتترك لإسرائيل مهمة الحرب بالوكالة وإن كانت إسرائيل تعيش أسوأ حالاتها أيضاً. المهم أننا أمام خريطة جديدة تشبه اتفاقية سايكس بيكو التي قسمت ما بقي من العالم العربي بعد سقوط الدولة العثمانية.

إن هنري كيسنجر مايسترو السياسة الأمريكية مع الرئيس كارتر في السبعينيات ومهندس كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل قد خرج من صمته، وهو يعيش أرذل سنوات العمر، وتوقف كثيراً أمام الصين وكأنه يقرأ المستقبل. إن الصراع المقبل قد يكون عسكريّاً بين أمريكا والصين، وعلى العالم أن ينتظر توقع الدبلوماسي العجوز.