الأربعاء - 17 أبريل 2024
الأربعاء - 17 أبريل 2024

الصين.. تخشى أمريكا داخليّاً

الصراع الأمريكي- الصيني يُشكّل اليوم أحد العناوين الرئيسة في المشهد الدولي بكل تفاعلاته وتطوراته، ومن المتوقع أن يأخذ أشكالاً وسياقات كثيرة وربما غير معهودة من قبل.

لكن من يُدقق النظر في حيثيات الصراع ومحركاته، يلحظ أنّ الصين تخشى على ملفها الداخلي من السياسات الأمريكية أكثر من تنافسهما وصراعهما الخارجي لأسباب كثيرة.

أولها: أنّ هذا الأمر يُشكّل تكتيكاً أمريكياً دائماً ومعروفاً؛ حيث تسعى الولايات المتحدة عادة في سبيل إضعاف منافسيها أو حتى أصدقائها إلى النفاذ إلى ساحاتهم الداخلية وإحداث اختراقات مختلفة فيها، تضمن لها بشكل ما التحكم بها أو توجيهها أو التشويش عليها، بطرق متنوعة وأدوات كثيرة مُجرّبة، خاصة أنّ الجبهات الداخلية لأي كيان سياسي في العالم لا تخلو من فجوات أو تناقضات أو صراعات مكتومة قد تظهر بأي لحظة، حتى في أمريكا نفسها، لكن ميزتها أنّه لا يجرؤ أحد على التدخل في شأنها الداخلي.

وثانيها: أنّ أيّ دولة في العالم لن تستطيع رسم استراتيجياتها الخارجية، خاصة ما تعلق منها بالمنافسة والتمدد والنفوذ دون جبهة داخلية متماسكة، وهي ربما تكون أفضل الطرق عند الخصم والمنافس لإضعاف وتعطيل منافسة الآخر واحتوائه ومقايضته، فالصين على المستوى الخارجي حققت نجاحات أشبه بالمعجزات، مثل تبوئها المرتبة الاقتصادية الثانية عالمياً بعد أمريكا، ومنافستها تكنولوجياً ورقمياً إلى مستوى الندية، عدا عن تطورها العسكري الكبير والملحوظ في الآونة الأخيرة وبرامجها المتعلقة بغزو الفضاء، إضافة إلى مواضيع الريادة والابتكار وغيرها، لكنها تخشى أن يتم النفاذ إليها داخلياً.

بكين تعي تماماً أنّ خواصرها الضعيفة والرخوة في بعض ملفاتها الداخلية، كتايوان وهونغ كونغ والتبت وقضايا الحريات وحقوق الإنسان، وفي محيطها المعقّد والمتداخل والملتهب حيث الهند واليابان وكوريا الشمالية وبحر الصين وحتى روسيا وغيرها، وهي ساحات أمريكا المفضّلة لإحداث جروح غائرة في جسدها، لكن هل تغفل الصين عن ذلك؟، وما هي استراتيجياتها لردع أمريكا؟

من الواضح أنّ استراتيجيات بكين اليوم، تقوم على إحراز المزيد من النقاط وحيازة الأوراق الرابحة في الساحات العالمية، لمقايضة أمريكا كي تكف عن التدخل في شؤونها الداخلية، وإبعاد شبح سيناريو تفتيت داخلي قد يدور في خلد واشنطن، لكنّها بالمقابل، استراتيجيات فيها مخاطرة كبيرة، حيث لا يمكن لأحد حماية بيته إن كانت نوافذه مفتوحة أو غير مُحكمة الإغلاق.