الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الإعلام الغربي.. والأحزاب الأيديولوجية

عندما يتم البحث عن حرية الإعلام والدعوة إليها والتشجيع عليها يتبادر إلى الذهن سؤال: هل هناك إعلام دون إعلاميين أولاً؟ ودون أن يكون لديهم أيديولوجيتهم الخاصة ثانياً؟ وهل هناك إعلاميون دون تمويل وافر ثالثاً؟ سواء كان تمويلاً حكومياً، أو تمويلاً خاصاً من شركات إعلامية تعمل لصالح هذه الدولة الأيديولوجية أو لهذا الحزب السياسي، أو التجمع الحزبي أو التجاري أو التنظيم الديني أو العنصري أو غيره.

وباستقراء الواقع الإعلامي العالمي المعاصر نجد أن كبريات شركات الإعلام موجهة وتابعة لهذه الدولة أو تلك، أو لهذا التجمع السياسي أو اللوبي الأيديولوجي أو ذاك، فإذا كان هذا هو الواقع المعاصر فما ينبغي أن ينشغل به الإعلاميون والمفكرون ليس حرية الإعلام فقط، وإنما كيف يمكن توجيه الرسالة الإعلامية في بناء ثقافة عالمية سلمية وغير عدائية ولا عنصرية ولا أيديولوجية إقصائية، سواء في داخل الدول التي تعمل المؤسسات الإعلامية فيها أو في منطقتها أو في العالم.

في العقدين الماضيين على أقل تقدير ظهرت مؤسسات ودوائر الإعلام العالمية شريكاً في الحروب الدولية الظالمة التي شنتها الدول الكبرى على الدول الفقيرة، مثل حروب أمريكا على أفغانستان والعراق وغيرهما، فكان معظم الإعلام الغربي محرضاً على شن تلك الحروب، وبعد عقدين تكتشف حكومات تلك الدول الكبرى أنها كانت مخطئة في ارتكابها لتلك الحروب والجرائم، وأنها مضطرة للانسحاب العسكري من تلك الدول، بعد أن أحدثت فيها وفي اقتصادها الخسائر الكبرى والدمار وعدم الاستقرار.

فهل يَعتبرُ الإعلام المؤدلج لصالح الدول الكبرى أو لصالح حكومات معينة، أو لصالح أحزاب يمينية أو عنصرية أو إقصائية، من الأخطاء السابقة، ويعمل من جديد على بناء سياسته الإعلامية على تدعيم القواسم الحضارية بين شعوب العالم، وبين الشعوب التي تنتمي إلى ثقافات حضارية ودينية وفلسفية مختلفة، فالشعوب في العالم لا يمكن أن تكون شعباً واحداً، ولا أمة واحدة، والاختلاف الثقافي والفكري والديني بين الشعوب سنة من سنن هذا الوجود، ورسالة الإعلام ورسالة الإعلاميين أمام دروس من التاريخ الحديث والمعاصر.

إن الاعلام الغربي المعاصر الذي ينشر الإسلاموفوبيا ويزرع بذور الفرقة والانقسام بين الشعوب الأوروبية والمسلمة، إنما يكرر أخطاءه السابقة خلال العقدين الماضيين في تأييده للحروب على الدول الضعيفة والفقرة بحجج واهية وكاذبة، أو عندما يتحيز ضد المسلمين، لصالح برامج انتخابية لهذا الحزب أو ذاك، هذه الانتخابات ونتائجها تنتهي بعد أشهر أو سنوات قليلة بينما آثار الانقسام الأيديولوجي والعنصري ستبقى عميقة في نفوس المواطنين وأبناء تلك القوميات لعقود.