السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

سد النهضة.. أضرار الملء الثاني

لا يمكنُ أن تفرض إثيوبيا سياسة الأمر الواقع، لا سيما بعد التأكيد المصري والسوداني على ضرورة الوصول إلى اتفاق مع دولتي المصب قبل نهاية الملء الثاني لسد النهضة، وكذلك بعد بيان الخارجية الأمريكية الذي أكد على ضرورة العودة إلى جولات التفاوض من جديد، حتى لا يحدث ما لا يحمد عقباه.

الموقف المصري والسوداني، والتأكيد الأمريكي، وربما الدولي بشكل عام، سيضغط بشكل أو بآخر على أديس أبابا التي تزعم بأن التخزين الثاني لن يضر دولتي المصب بل سوف يفيدهما، وهذه المزاعم لن تكون إلا مراوغات جديدة لكسب مزيد من الوقت، وبالتالي مزيد من الأضرار على دولتي المصب، وشاهدنا ماذا حدث في السودان من انخفاض مستوى النيل الأزرق، وخروج العديد من محطات مياه الشرب عن الخدمة، وذلك بعد تخزين 5 مليارات متر مكعب العام الماضي، فضلاً عن إمكانية حجز كميات كبيرة من الطمي في ما يقلل من الإنتاجية الزراعية، وهو أمر لا يقتصر على السودان فقط.

إن الأضرار التي قد تصيب مصر - كما قدرها بعض المتابعين والمختصين - ستكون نقصاً في كهرباء السد العالي نتيجة انخفاض منسوب بحيرة ناصر، وكذلك تأثر الزراعة بتحديد مساحات الأرز وقصب السكر والموز، وكذلك خسارة مائية تعادل الكمية المخزنة 18.5 مليار متر مكعب.


الأضرار ليست فقط تخص دولتي المصب (مصر والسودان)، بل تمتد للمنطقة كلها، حيث إن وزن سد النهضة يشكل حملًا إضافيًا؛ ما قد يؤدي لحدوث زلازل بالمنطقة، وإلى تغير في التنوع البيولوجي في المنطقة، مثل الانخفاض في درجات الحرارة وتغير محتمل في أمطار المنطقة.


وللملء الثاني أضرار سياسية أيضاً، إذ أن أثيوبيا بذلك تسعى لفرض سياسة الأمر الواقع والهيمنة على أنهار دولية، فضلاً عن إمكانية اتِّباع سياسة بناء السد على المشروعات المائية المستقبلية في إثيوبيا، والتي من شأنها تزيد الضرر على المنطقة، وصولاً إلى الحد الذي قد تفكر فيه دول المنبع الأخرى اتباع النهج الإثيوبي.

كل هذه الأضرار وغيرها مما لا نعلم أو نتوقع، سيكون واقعاً إذا سارت إثيوبيا في الطريق الذي رسمته منذ البداية، وهو السير بشكل أحادي في أزمة تخص دولاً أخرى وشعوباً تعدادها بالملايين، تعبر عن رأيها يومياً بضرورة إيقاف ما تمارسه إثيوبيا، بأي شكل، وبأي طريقة، وإن كانوا يفضلون المفاوضات بالتأكيد.