الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

العيد في ليبيا.. الفرحة الناقصة

رمضان، هذا الشهر الكريم الذي كان يحمل لي الكثير من المفاجآت الجميلة، بات اليوم يُشْعرُني بالضيق والحزن، بعد وفاة والدتي منذ أربع سنوات.

في طفولتي كان مقابل كل يوم صيام (دينار) وفرحتي كبيرة لو تحصلت على (30) ديناراً.. في تلك اللحظة أكون من الأثرياء، وبالتالي يُمكنني شراء الألعاب والحلويات يوم العيد.

كان إعلان يوم العيد مرتبطاً عندي بأغنية الراحل أحمد سامي: «معيدين وديما عيد، ملتمين وفرحانين، نهنئ كل المخلصين معيدين»، وأغنية الفنان الراحل محمد مختار: «يا عزيز عليا مبروك عيدك، في كل عام أيامك هنية»، وأغنية الفنان إبراهيم فهمي: «يالبنيَّة ويالوليد، ياللي لبستوا كل جديد، مبروك عليكم ها لعيد»، إلى جانب أغنية قديمة جدا للفنان راغب علامة: «راح طير حمام في عيدك يا حبيبي».


هذه الأغنيات شكلت فرحة العيد لكل أبناء جيلي، ولا يزال التليفزيون الليبي يبث هذه الأغنيات، وما زلت أستمع إليها كأنها جديدة في كل مرة، ومع الصباح تبدأ المعايدات من أمثال: «عيَّادي وسنين دايمة»، و«من العائدين الفائزين».


وتختلف عادات الأكل في عيد الفطر المبارك، بين مدينة ليبية وأخرى، حيث يستهل الطوارق المناسبة بكلمة «أساروف» ومعناها طلب المغفرة عن أي زلات، ويعد أهالي مدينة غات طبقاً من عشبة الملوخية يحمل اسم «التارويث»، أما في أوباري، فإن الطبق المميز هو شوربة بلحم الخروف، وإفطار هذا اليوم في بنغازي يبدأ بطبق العصيدة بالرُب ويتم تناولها بعد صلاة العيد، وتتكون وجبة الغذاء من طبيخة بطاطا، وأحيانا طبيخة فاصوليا.

ولا ننسى أطباق الحلويات مثل الكعك والمعمول والغريبة، إلى جانب أنواع جديدة من الحلويات فرضتها طبيعة الحياة المتطورة.

ومن بين هذه التفاصيل، (الزبون) أو الزي الوطني الذي يعتبر من الأساسيات التي يحتفي بها الليبيون، ويحاول الجميع إبقاء بعض تلك التفاصيل كطقس احتفائي بالعيد في ظل الظروف الصعبة.

اليوم كل شيء تغير، في حياة الليبيين حتى فرحة العيد ناقصة بسبب الحروب الطويلة والنزوح والانقسامات بين المدن، وأيضاً الانقسامات العائلية بسبب دعم وتحيز أبناء العائلة الواحدة لأحد أطراف النزاع، وانقطاع الكهرباء المتكرر، ونقص السيولة مع الارتفاع الكبير في الأسعار إلى جانب جائحة كورونا.