الأربعاء - 17 أبريل 2024
الأربعاء - 17 أبريل 2024

الإمامان.. الطيب وعبده

في صيف عام 2010 خرجت من الاستوديو بعد تقديم حلقة من برنامجي التلفزيوني، عند مدخل القناة صافحني أحدهم وقال: إنني أسكن قريباً من هنا، وما إن سمعت ما قلته عن رأي شيخ الأزهر في فنّ النحت حتى خرجت لأصل قبل انتهائك لأشكرك، ثم واصل الرجل: أنا أستاذ النحت في كلية الفنون الجميلة، ولطالما كان هناك من يقولون لي إن هذا حرام، وهذا غير جائز، وكنتُ أردُّ عليهم بما أراه صواباً، واليوم رأي الأزهر أثلج صدري.

كنتُ قد عرضتُ رأي الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر في قضية النحت، وكان الإمام قد أفتى بجواز ذلك باعتباره أحد الفنون، وأنه لا مجال للقلق من اعتباره طريقاً محتملاً للعبادة.

في ذلك الصيف أفتى مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف بجواز صناعة التماثيل، بغرض تنشيط السياحة، وإظهار حضارة وتاريخ الأمم، وليس بغرض التعبد بها أو التعظيم لها، وجاء في الفتوى أن تحريم صناعة التماثيل كان لقرب العهد بعبادة الأصنام.


كانت هذه الفتوى بمثابة الصدمة لما كان مستقراً في فتاوى المتشددين، وحتى غير المتشددين، ولكنها كانت تمثل امتداداً لفتاوى سابقة تبيح النحت واقتناء تماثيل الزينة، ففي عام 2006 أفتى الدكتور عبدالمعطي بيومي عميد كلية أصول الدين وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف بجواز اقتناء التماثيل في المنازل من باب الزينة.


ولقد استقرت فتوى الأزهر بشأن النحت، حتى أنه في عام 2019 قام الأزهر برعاية معرض للنحت ضمن جناح الأزهر بمعرض القاهرة الدولي للكتاب.

جاء في حديث الإمام - فيما يخص قضية المرأة في الإسلام - عدد من الآراء الحاسمة، قال الإمام: يجوز للمرأة تولي الوظائف العليا والقضاء والإفتاء، كما أنه يجوز لها أن تسافر من دون محرم طالما أن السفر آمن، وللمرأة أن تحدد نصيباً في ثروة زوجها إذا أسهمت في تنميتها.

أدان شيخ الأزهر الطلاق التعسفي وقال إنه حرام وجريمة أخلاقية، كما نفى وجود ما يُسمى «بيت الطاعة» في الإسلام، ورفض حق ولي الأمر في منع تزويج المرأة من دون سبب مقبول.

إن الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب يمتلك مشروعاً فكرياً يوجب الدعم والمساندة، فهو يجمع بين ضوابط الشريعة وحقائق العصر، ثم إنّه لا ينحو إلى الوسطية، وإقرار مصالح المسلمين، وتيسير حياتهم وسبل معيشتهم، من دون أن يكون عائداً في ذلك إلى أصول الدين ومقاصد الشريعة.

إن الإمام الطيب هو الامتداد الفكري والفقهي للإمام محمد عبده، كان الإمام محمد عبده الفيلسوف الإسلامي الأبرز في القرن العشرين، ويأتي الإمام أحمد الطيب ليكون الفيلسوف الإسلامي الأبرز في القرن الحادي والعشرين.