الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

الأردن.. مرآة أزمات المنطقة

يتمتع الأردن بموقع جغرافي واستراتيجي مهم، أصبح بسببه حلقة وصل بين بلاد الشام والجزيرة العربية والعراق ومصر، وقد قام تبعاً لذلك بأدوار تاريخية بدأت منذ التواجد الحضاري القديم في المنطقة، واستمرت لغاية اليوم، مع اختلاف بعض المعطيات والمتغيرات.

شكّل الأردن طرفاً إقليمياً حاضراً، إن لجهة امتداده العربي في دول الجوار وغيرها، أو لمسألة خصوصية العلاقة مع القضية الفلسطينية وتداعياتها التاريخية المختلفة والمعروفة، فقد كان مسؤولاً عن جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة كالضفة الغربية، زيادة على شغله الجبهة الأوسع والأطول في الصراع العربي - الإسرائيلي، ناهيك عن التداخل التاريخي والجغرافي والارتباط الاجتماعي الكبير بين سكان فلسطين والأردن.

إنّ موقع الأردن الجغرافي المتوسط بين دول المنطقة الكبرى كسوريا والعراق والسعودية ومصر، أعطاه مكانة جيوسياسية واستراتيجية بالغة الأهمية، لهذا فقد كانت مسألة الاستقرار الإقليمي من التحديات الكبيرة التي تواجهه، خاصة مع التطورات التاريخية للقضية الفلسطينية، والحروب الإقليمية التي كانت على حدوده في العراق وسوريا ولبنان وغيرها، إضافة إلى الأحداث الأخيرة التي لا يزال بعضها جارياً على خلفية الربيع العربي كما في سوريا، وقد كانت منطقة الأردن بطبيعة الحال أثناء هذه المجريات والتداعيات المتعلقة بهذه الصراعات والأحداث الإقليمية، ملاذاً آمناً لبعض شعوب المنطقة، بعد حدوث عدة هجرات ونزوحات باتجاهه نتيجة لذلك.


وكان مما ترتب على الوضع الجيوسياسي الصعب للأردن، بروز تحديات جديدة متعلقة بالموضوع الأمني بمفهومه الشامل، ناتجة عن الصراعات السياسية والحروب والاشتباكات الميدانية الجارية بالقرب منه، والتي انعكست بطبيعة الحال على ساحاته الداخلية، وهي مسألة كما هو معروف، أفرزت معطيات وإشكالات جديدة، خاصة أنّ الأردن كثيراً ما يُلمّح إلى أنّه من الأطراف المهمة التي تساعد على توفير الأمن لبعض جيرانه الإقليميين، وكان التحدي الأكبر أن تبقى هذه البقعة الجغرافية عامل استقرار إقليمي رغم صعوبة ذلك، وسط كل معادلات الصراع الحاصلة حولها.


ونتيجة لهذه التوليفة المتداخلة من معطيات الموقع الجغرافي والاستراتيجي، وبعض الأدوار الإقليمية والتفاعلات المستمرة مع الأحداث الجارية في المنطقة، أصبحت الأوضاع العامة في الأردن، السياسية منها والاقتصادية والأمنية والاجتماعية وغيرها، مرتبطة بالتداعيات والمتغيرات من حوله، لدرجة وصول هذا الارتباط إلى مستوى كبير وعضوي أحياناً، الأمر الذي شكّل بالمقابل عوامل ضغط كبيرة عليه؛ بحيث غدت ساحاته في بعض الأحيان، مرآة تعكس الأوضاع والتطورات الإقليمية وعلى كافة المستويات، سلباً أو إيجاباً، توتراً أو انفراجاً.