الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

كل الفصائل بلا فضائل

كانت في مصر منذ سبعينيات القرن الماضي جماعة إرهابية تطلق على نفسها (الناجون من النار)، ولفت الاسم نظري وعلمت أنه مشتق من حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشأن افتراق اليهود إلى واحد وسبعين فرقة، والنصارى إلى اثنتين وسبعين، والمسلمين إلى ثلاث وسبعين فرقة، وكلها فرق هالكة إلا فرقة واحدة هي جماعة المسلمين.

وقلت من أين علم هؤلاء أنهم ناجون من النار أو أنهم الفرقة الناجية...؟، وسألت نفسي من هي الفرقة الناجية من بين ثلاث وسبعين فرقة هالكة...؟ وتوصلت بعد تفكير إلى أن الفرقة الناجية هي اللافرقة، هي عامة الناس، أنت وأنا، وهي التي ليست فرقة ولا جماعة ولا طائفة والتي ليس لها وصف سوى أنها عامة المسلمين، وأيقنت أن من تَسَمَّى هلك ومن عمل تحت لافته هلك.

والحق أن هذا التشظي هو آفة العرب وهو سبب الخراب في كثير من الدول العربية، فقد انقسمت التنظيمات الكبرى إلى فصائل لا ترى بالعين المجردة، بمسميات مختلفة، وأصبح العداء بين الجماعات أوّلاً، ثم بين الفصائل ثانياً بين أشد منه، بينهم وبين عدوهم، بل إن الصلح مع العدو أصبح أقرب إليها من الصلح مع إخوتها، وفي بعص دولنا العربية فسيفساء لا ترى بالعين المجردة تسمى فصائل المعارضة، والسؤال: إذا كانت هذه الفسيفساء تعارض نظاماً واحدا فلماذا هي فصائل؟، لماذا ليست كياناً واحداً يعارض نظام حكم واحداً؟.


والجواب ليس صعباً على من لديه بعض وعي وهو أن هذه الفصائل المتضادة ليست سوى دكاكين للمعارضة، إنها معارضة بالوكالة عن قوى إقليمية ودولية تدفع وتمول، وهكذا صارت المسألة في الأمة العربية حروباً بالوكالة ومعارضة بالوكالة وإرهاباً بالوكالة وتخريباً وتدميراً بالوكالة، كما يحدث في العراق وسوريا واليمن وليبيا وغيرها.. ولا أحد معني بالأوطان ومقدرات الشعوب.. وكل اللافتات المرفوعة ليست سوى كلام حق يراد به باطل.. والخلاصة أن كل الفصائل بلا فضائل!