الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

لبنان.. وهواية «التفحيط السياسي»

يُمثل «التفحيط» أو «التشحيط» بالمركبات إحدى الهوايات المعروفة في عالمنا العربي، حيث تُمارس هذه الهواية في الشوارع رغم خطورتها العالية، ودون أدنى اعتبار لسلامة الناس، وحقهم في عدم التعرض للخطر نتيجة نشوة أحدهم وسلوكه البهلواني المدمر.

ما يجري في لبنان اليوم ليس بالبعيد عن هذه الهواية، إذ أن ذلك ليس أكثر من «تفحيط سياسي»، يمارسه الجميع دون اهتمام بعواقب القرارات والتصلب في المواقف، رغم أن البلاد باتت على شفا كارثة خطيرة، تنذر بانهيار الدولة اللبنانية في ظل الفراغ السياسي المستمر منذ أشهر طويلة نتيجة عدم الاتفاق على تشكيل حكومة قادرة على لملمة الوضع المتهالك لمختلف مفاصل الدولة.

الشعب اللبناني يرزح تحت وضع اقتصادي خانق وضاغط على عصب الحياة اليومية للناس، فالحديث يدور حول المستلزمات الضرورية للعيش، لا عن رفاه اجتماعي واقتصادي، وهذا ما ينذر بانفجار الوضع والعودة إلى مرحلة لا يتمنى عودتها حتى أعداء لبنان أنفسهم.


الطبقة السياسية لا تعبأ بما يجري في لبنان، والتدخلات الدولية والتلويح بالعقوبات غير مجدية نفعاً حتى الآن، حيث لا يزال فريق رئيس الجمهورية وفريق رئيس الوزراء المكلف متمسكين بمواقفهما، رغم حقيبة العقوبات التي حملها معه إلى بيروت وزير الخارجيّة الفرنسي جان إيف لودريان، وتهديده بفرضها على الشخصيات المتورطة في إعاقة تشكيل الحكومة أو في الفساد.


محاولات العماد ميشال عون بتكليف شخصية بديلة لسعد الحريري لتشكيل الحكومة محاولات محكومة بالفشل، لعدم توافر بديل يحظى بالإجماع وفي ذات الوقت يقبل بما يريده عون، والرئيس المكلف لا يفكر حالياً بالاعتذار، الأمر الذي يعقد الوضع اللبناني، ويضيف مزيداً من الضبابية إلى الطريق الذي يصر الجميع على السير فيه رغم خطورته وتأثيراته على الشعب اللبناني.

ما يحدث في لبنان لا يمكن تفسيره إلا بكونه سقوط الدولة بين تيارين، الأول يمارس تفحيطاً سياسيّاً غير مهتم بالعواقب والأضرار، والتيار الثاني: منقاد لضغطة «الريموت كونترول» الخارجية التي حولت لبنان إلى بطاقة من بطاقات التفاوض والمساومة مع الدول الكبرى في ملفات أخرى لا ناقة لـ«لبنان» فيها ولا جمل.

باختصار، فإن جميع الأطراف في لبنان تدرك أنها خاسرة، وأنَّ السلوك السياسي الذي تنتهجه مؤذٍ للجميع دون استثناء، إلا أنها تمارس هواية «التفحيط» حتى لو اصطدمت مركباتها بكامل الشعب اللبناني من شماله إلى جنوبه.