السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

غطرسة النجاح.. وسقوط الكبار

في عام 2009، نشر الدكتور«جيم كولينز» كتابه الشهير: «كيف تسقط المؤسسات الكبيرة»، قال فيه: «إن السقوط حتمية حتى للكبار، وقد أثبت التاريخ مراراً وتكراراً أن العظماء والأقوياء عرضة للسقوط والانهيار كغيرهم، مثل الحضارة الفرعونية، والإمبراطورية الرومانية والدول المدن مثل أثينا وروما»، ويمكن أن نضيف الإمبراطوريات الاستعمارية المعاصرة مثل فرنسا وبريطانيا التي كانت الشمس لا تغيب عن مستعمراتها، وغيرهما.

وحينها يتغيّر حديث الناس عن الأقوياء من «المثل الذي يقتدى به» إلى «العبرة» التي نستخلصها من سقوطهم.

والحقيقة أن «جيمز كولينز»، يبحث في المؤسسات الاقتصادية، وله كتابان مماثلان هما: «من جيد إلى رائع» و«مؤسسات وجدت لتبقى».

لكن بالقياس، فإن ما قاله «كولينز» ينطبق على جميع المؤسسات بما فيها المؤسسات السياسية، وهذا ما يهمُّني في هذه الأسطر، بالنظر لما يجري اليوم في فلسطين المحتلة.

فالضعف الذي يُعانِيه العرب جعلهم يقدمون تنازلات عديدة للمستعمر، آخرها الذي لا يمكن التنازل دونه هو «مبادرة السلام العربية»، التي تعني بالمختصر المفيد إقامة دولة فلسطينية في حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية.

نسرد هذا الكلام لأنه من الناحية المنطقية لو كان العرب في عظمة روسيا أو بريطانيا مثلاً، لما حصلت كل تلك التنازلات التي لم يقبضوا مقابلاً لها.

كما أن الفلسطينيين، قدموا تنازلات قاتلة أشهرها «اتفاق أوسلو» لكن جاءت نتائجه عكسية، ومنطقيّاً ما كانوا ليقدموا تلك التنازلات لو كان لهم من القوة ما يكفي للتحرر.

وإسرائيل اليوم، بمفهوم «جيم كولينز»، ناجحة وقوية اقتصادياً وعسكرياً، ولذلك لعِدَّة عوامل أهمها قوة الحلفاء.

إن الكتاب الذي أشرت إليه، يتحدث عن قوة المؤسسة، ويرى أنها لا تدوم أبداً، وتمر بخمس مراحل، لو أسقطناها على المؤسسات السياسية مثل الدول بصفة عامة والدول الاستعمارية بصفة خاصة، لانطبق عليها ذات التوصيف.

وتعتبر المرحلة الأولى أهم عامل من عوامل السقوط، وهي «غطرسة النجاح» حيث يعمي النجاح البصيرة، ويواصل قادتها التقدم نحو الأمام حتى لو اتخذوا قرارات خاطئة، وتبدأ المرحلة الأولى للتدهور عندما يصيب «داء الغطرسة» المديرين ثم الموظفين، ويعتبرون النجاح والقوة حقّاً مكتسباً، ومقتصراً عليهم، ويغفلون العوامل الجوهرية التي حققت هذا النجاح، هنا تبدأ المؤسسة تخطو أولى خطواتها نحو الانهيار.

وتتمثل المرحلة الثانية في «الاندفاع المجنون وطلب المزيد» تحت تأثير «غطرسة النجاح»، أي المزيد في كل شيء، مثل ما يجري في فلسطين المحتلة الآن.