الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

طالبان.. الجمهورية الثانية

في عام 1996 تأسست جمهورية طالبان الأولى في أفغانستان، وفي عام 2021 تنسحب القوات الأمريكية من البلاد، بينما تستعد أفغانستان لحرب أهلية تريد طالبان الفوز بها، لتأسيس الجمهورية الثانية لطالبان.

يمكن لطالبان أن تستخدم كلمة إمارة أو خلافة، لكنها في نهاية المطاف، هي جمهورية دينية متشددة أيّاً كانت مزاعمها الأيديولوجية.

لقد مرت أفغانستان بأوقات عصيبة، وكان ما يحدث بالنسبة للسكان فوق الاحتمال بكثير، فلقد عانت البلاد سيئة الحظّ من الغزو السوفييتي، ثم من الحرب الأهليَّة، ثم من دولة طالبان التي امتدت خمس سنوات من 1996 وحتى 2001، ثم من الحرب الأمريكية في أفغانستان والتي امتدت عشرين عاماً من 2001 وحتى 2021، وها هي البلاد على وشك الدخول في حرب أهلية جديدة، وربما عودة طالبان للسيطرة الكاملة من جديد.. إنه الطريق الدائري الدموي في هذا البلد الذي كان ناجحاً ومتحضراً، ويحمل الكثير من أسباب الأمل في العهد الملكي، ثم إذا به يهبط من منحدرٍ إلى منحدر، ومن مأساة إلى مأساة.


على الجانب الأطلسي يبدو الأمر عدميّاً إلى حدٍّ بعيد، فبعد عشرين عاماً من الحرب الأمريكية مدعومة بالحلفاء الغربيين، تنسحب الولايات المتحدة من دون أي تغيير، كانت طالبان قبل الغزو وعادت طالبان بعد الغزو، لكن الولايات المتحدة خسرت أكثر من (2000) قتيل، و(20) ألف جريح.


في عام 2018 قال الرئيس دونالد ترامب: خلال (18) عاماً تنفق واشنطن (50) مليار دولار سنوياً في هذه الحرب، وكل ما نريده اليوم هو العودة إلى ما كنّا عليه قبل (18) عاماً.

يقدر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن تكلفة الحرب في أفغانستان بأكثر من (1) تريليون دولار، ويقدرها مشروع بحثي في جامعة براون الأمريكية بأكثر من (2) تريليون دولار، ولا يتضمن هذا الرقم كلفة الرعاية الصحية والاجتماعية لقدامى المحاربين في أفغانستان والعراق، والتي تتجاوز - بحسب جامعة هارفارد - التريليون دولار في الأربعين سنة المقبلة.

بالنسبة إلى العالم العربي والشرق الأوسط، فإن عودة طالبان المحتملة إلى السلطة، أو اندلاع حرب أهلية في ذلك البلد الأكثر خطورة في العالم الإسلامي، مضافاً إليه محاولات تنظيم داعش التمدد في أفريقيا، في ذلك المثلث المروّع من داعش نيجيريا غرباً إلى داعش تشاد شمالاً إلى موزمبيق شرقاً، ثم عودة شبح التنظيم من جديد على أطراف الموصل.

إن اجتماع كل هذه الأخبار السيئة مرة واحدة تشكل احتمالات موجة عنف واسعة تجتاح العالم الإسلامي، فثمّة تسونامي يتشكل في قلب المحيط، وتبدو مقاومة وصوله عملاً صعباً للغاية، في ظل عدم اكتراث القوى الكبرى إلّا بما يحدث في اليابس الوطني.