السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

«الكشري» يعالج التمييز العنصري

لفتت انتباهي وانتزعت إعجابي كلمات أشبه بالتداعي الطليق الحر، وأقرب للهلوسات، ما قالته لي إحداهن، فقد رأت أن وجبة الطعام عندما تحتوي على طبق رئيسي من أحد أنواع الخضراوات المسبكة مع عصير الطماطم أو مرق اللحم أو غير ذلك، إلى جانبه سلطة مناسبة تتوافق مع مذاقه ومكوناته، تغطيها الصلصة الفرنسية أو غيرها من الصلصات المتنوعة لتضفي عليها مذاقاً لنكهاتِ الزعتر أو النعناع أو ما شابه، فإن الطبق الثالث غالباً ما يكون معكرونة أو أرزاً لتوفير عنصر النشويات، كي تكتمل العناصر الغذائية.

وذكرت أن هناك ملاحظة، بعيداً عن الموائد الكبيرة المتنوعة في أصنافها، الخاصة بالعزومات والولائم، بل المحصورة على المستوى البيتي الضيق الذي يقتصر على أفراد الأسرة، فإنك عادة لا تجد فيها اجتماع الأرز والمعكرونة في سفرة واحدة.

وهنا بدأت بشطحاتها، حين اعتبرت أن في ذلك تمييزاً عنصريّاً، حيث إن اعتماد أحدهما وتمييزه عن الآخر فيه تحيز، وذلك برأيها لا يتوافق مع قواعد المساواة والعدل، وترى أنه لا بد من وضع حلولٍ لهذه الأزمة التي تمثل جوراً على أحد الطرفين المتشابهين في القيمة الغذائية، لحساب الآخر.


حينها رفعت القبعة، وقدمت التحية للمائدة المصرية التي استطاعت بكل ذكاء أن تجمع العنصرين، وتفك الاشتباك من خلال طبق شديد الجاذبية وذي قيمة غذائية وتركيبة إعجازية تجمع الطرفين بوجود عناصر أخرى تربط بينهما من حمص وعدس وبصل محمر وصلصات وغير ذلك من أساليب «سياسية» ذكية لحسم الأمر بأفضل الوسائل، وليخرج لنا طبق الكشري الأكثر شهرة.


فيا له من تداعي أفكار، أشبه بالخيال العلمي، لكنه أقرب من الخيال السياسي إن صح التعبير.