الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

العرب.. ومبررات عدم النهوض

من يُدقق النظر في اللحظة الزمنية الراهنة التي تعيشها الأمة اليوم، يحتار في تفسير الوضع السياسي الحرج الذي تمرّ به، والواقع الصعب الذي تحياه، والضياع الجمعي الذي شكّل عنوانها منذ عقود كثيرة، والاستهداف المستمر لها من قبل الآخر، لدرجة أنّها أصبحت حالة عالمية وتاريخية لافتة من حيث غرابة وعدم منطقية ما يجري لها.

إنّ السؤال الحاضر هنا وبقوة: ما هي مبررات عدم الخروج من هذا الوضع؟ وما الذي ينقص العرب لكي يعلنوا انطلاقتهم الحضارية المستحقة، كالأمم الأخرى على الأقل؟

إنّ ما يملكه العرب اليوم، يكفي لعشرات الانطلاقات الأممية، حيث الهوية الحضارية الناصعة والفكر الراقي المتمثلان في الإسلام، والعمق التاريخي اللافت، حيث الحضارات البشرية الأولى ومهبط الديانات السماوية، ومنظومة القيم والأخلاق السامية، والقضايا العادلة، والشعوب الحيّة، والعقول والأدمغة والكفاءات والطاقات الكامنة التي تنتظر خروجها، والموقع الاستراتيجي المذهل، والإمكانات المادية الضخمة.. والقائمة تطول.


دول قبل سنوات كانت «جمهوريات متواضعة»، فها هي تصعد اليوم إلى مصاف الدول المتقدمة، فمثلاً ما الذي يوجد عند كوريا الجنوبية أو سنغافورة أو غيرهما على سبيل المثال ولا يوجد عندنا؟ بل كم هي الأشياء الموجودة عندنا وغير موجودة عندهما؟ وعليه فلنعط مُبرراً واحداً فقط لعدم نهوضنا!


بالمقابل، لا يوجد هناك فرد أو جماعة أو دولة أو إقليم أو أمة في العالم من غير مشروع، إلا نحن، فهل يُعقل هذا؟ والغريب أنّ كل المشاريع الأخرى من مغارب الأرض ومشارقها تتواجد في منطقتنا.

وعليه، فإنّ كل دولة عربية ستجد نفسها مطالبة بتحقيق المعادلة الآتية: أصلح بيتك أولاً، سيصلح بيت جارك، ومن ثم ستصلح بيوت الحي كلها، وذلك بعد أن نتوقف عن ندب حظنا وتبادل الاتهامات والركون إلى مقولات اليأس والأحكام القطعية المسبقة، ولنُعدّ مشروعنا النهضوي حينها، وبعدها فإنّ زر الانطلاق موجود، ينتظر من يضغط عليه، وسترون كيف ستجري الدماء في عروق الأمة، فالحياة البشرية مُصمّمة وفق قوانين وأنظمة وسنن كونية مُحكمة ودقيقة، فهل نحن استثناء ولن تشملنا؟ ثم، ألم تحصل معنا في فترات تاريخية سابقة، وبشكل أذهل العالم يومها؟

وأخيراً، يحتاج كل ذلك إلى رغبة وإرادة حقيقية من الجميع، وخطة تمكين وفكر ينير الطريق، فكثير من المشاريع التاريخية ونهضة الأمم بدأت هكذا، ولنثق أنّ كل عوامل القوة الكامنة ستتجاوب معنا، وفوق ذلك كله ستكون يد مالك الكون مع أيدينا.. أليس هذا وعده سبحانه وتعالى؟