الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

من انتمى.. أصابه الصَّمم والعمى

لماذا يفشل الحوار بيننا وينتهي إلى لا شيء أو إلى معركة؟

إننا نبحث في حوارنا عن النصر لا عن الحق.. لأننا ندخل الحوار ونحن منتمون إلى جماعة أو طائفة ومتحيزون إلى فئة ضد فئة أخرى.. لأننا ندخل الحوار وكل منا يريد إقناع الآخر برأيه وليس على استعداد لأن يقتنع هو برأي الآخر.. لأن الحوار معركة يود كل منا الانتصار فيها وهزيمة الآخر.

وكل من انتمى أصابه العمى والصمم، فلا يرى إلا طائفته وجماعته وفئته ولا يسمع غيرها، والمنتمي إلى جماعة أو فئة أو طائفة فقد حريته فهو سجين جماعته وطائفته، وقد فقدنا تقريباً المنتمين إلى الحق وحده، فالحق عندنا تابع لانتماءاتنا وليست انتماءاتنا تابعة للحق، والأمر يصبح أشد صعوبة إذا كانت الانتماءات ترتدي ثوباً دينياً، مذهبياً، أو طائفياً.


كثير من الناس الآن مهما بلغ جهلهم يتحدثون في الدين ويسوقون الآيات والأحاديث ويلوون أعناقها لتوافق هواهم، ويقول الفيلسوف العربي الأندلسي ابن رشد: «إن تجارة الدين هي الأكثر رواجاً في الأمم الجاهلة، والمتاجرون بالدين يسهل عليهم جر الجهلاء ولو إلى الهاوية»، أي أن الدين تابع للأهواء بل للتجارب الشيطانية، فتاجر الدين شيطان يعظ، والدين في هذه «الحالة» سلعة رديئة يروج لها الغشاشون أو هو وسيلة لأغراض دنيوية رخيصة، والدين كما نعرفه غاية، فإذا تحول إلى وسيلة كانت الخسائر فادحة.


وهناك لعبة خاسرة تسمى لعبة المناظرات بين أتباع المذاهب أو أتباع الأديان، وهي مباراة صفرية لا غالب فيها ولا مغلوب، ولم يحدث أن انتهت مناظرة واحدة بنتيجة، بل هي دائماً مشاجرات وسباب، توغر الصدور أكثر فلا أحد لديه استعداد لأن يقتنع برأي الآخر، بل يدخل الطرف المناظرة أو الحوار وهدفه إسكات الآخر والقضاء عليه، فحواراتنا ومناظراتنا حروب لسانية أو قلمية مثل حروبنا بالأسلحة لا غالب فيها ولا مغلوب، لأن الانتماء للجماعات والطوائف والفئات جعل حواراتنا وحروبنا عبثية.. ومن انتمى أصابه الصَّمم والعمى!