الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

سوريا.. ودورة الحياة

مضى عقد وعجلة الحياة في سوريا تدور إلى الخلف، وفي أحسن الأحوال كانت تراوح جامدةً، أما اليوم وبوصول الأطراف كافة إلى قناعة شبه تامة بأن الحل لن يكون إلا سياسياً؛ نجد أن عجلة الحياة في سوريا بدأت بالدوران إلى الأمام، دوران وإنْ كان بطيئاً إلا أنه أفضل من الجمود والتراجع، ويبرز هذا التقدم على مختلف الأصعدة المحيطة بالقضية السورية، والتي تتمحور في الآتي:

أولاً- الصعيد الأمني: اتسمت سوريا في السنوات السابقة بالصراع الدائم والأسيِجة الأمنية؛ إذ كنت تجد الحواجز الأمنية على تقاطع كل شارع من شوارع المدن، أما اليوم فالسمة العامة هي الهدوء شبه التام على كافة الجبهات، بالإضافة إلى تقليص عدد الحواجز الأمنية على مداخل المدن وانعدامها داخلها ولا سيما في مناطق القوات الحكومية، عدا عن استغناء الجهات الأمنية الحكومية عن الكثير من المبررات السابقة للتوقيف أو الاحتجاز، ما ساعد في سلاسة الحركة بين المدن وداخلها فعزز ذلك النشاط الاقتصادي والتجاري.

ثانياً- الصعيد الاقتصادي: على الرغم من أنه الصعيد الأكثر تضرراً، إلا أنه ما يزال متماسكاً، ويشهد نوعاً من الاستقرار على خلاف المرحلة السابقة، إذْ تشهد الليرة السورية - على سبيل المثال - استقراراً مقابل العملات الأجنبية، وهو ما يخالف كل التوقعات التي كانت تؤكد استمرار التدهور، بالإضافة إلى إعادة تفعيل الكثير من الفعاليات الاقتصادية، كعودة معظم مصانع حلب عاصمة سوريا الاقتصادية إلى العمل، بالإضافة إلى تحسين سعر الغلات الزراعية والتشجيع على الزراعة ما أكسب القطاع الزراعي بعض التقدم.


ثالثاً- الصعيد السياسي: وهو الصعيد الذي يلقي بظلاله على الأصعدة كافة، ويتمثل بعودة الحديث عن إعادة سوريا إلى مقاعد الجامعة العربية وتقدم العلاقات السورية - العربية، كما نشطت هذا العام التصريحات عن الحوار المشترك بين جميع الأطراف المعنية، وعن ضرورة التوصل إلى تفاهمات تجنب البلاد الركود أو الانزلاق إلى منحدرات التقسيم والمواجهة العسكرية.


كل ذلك يأتي والبلاد تعيش حالة اقتصادية صعبة جعلت الكثير من أبناء المجتمع السوري تحت خط الفقر، وهي حقيقة لا يمكن تجاهلها، ولكن هذه الحركة التي تسير بها البلاد نحو الأمام، وإنْ كانت بطيئةً وغير كافية، إلا أنها مؤشر يبعث التفاؤل في نفس كل من يريد وضع نهاية للمعاناة، التي يقاسيها المواطن السوري جراء تعثر الحل الشامل لقضيته.