الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

فلسطين.. وترتيب أولويات بايدن

في خطابه الأول أمام الكونغرس قبل أقل من شهر تحدث الرئيس الأمريكي جو بايدن عن الاقتصاد وكورونا وروسيا والصين، وبدا جليّاً أنه ليس في عجلة من أمره للاشتباك مع قضايا الشرق الأوسط، باستثناء اندفاعه تجاه إبرام اتفاق مع إيران للعودة إلى الاتفاق النووي.

بلا مقدمات انفجر الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي بوجه الإدارة الأمريكية، ليقفز إلى صدارة أجندتها وينسف أولويات بايدن، الذي لا يمكن أن يكون جاهلاً بحساسية المنطقة والقضية الرئيسية فيها، إذ إن لديه تاريخاً طويلاً ودراية تامة بالقضية الفلسطينية وتشعباتها وتأثيراتها على استقرار وأمن الإقليم.

الحرب التي تفجرت بين الفلسطينيين والإسرائيليين لا بُد أن تعيد ترتيب أولويات الرئيس الأمريكي، فالمنطقة التي تمتلك أهمية جيوسياسية تؤثر على العالم أجمع لا يمكن تجاهلها ووضعها في خانة متأخرة على أجندة الدولة التي تقود النظام العالمي، وعلى الإدارة الأمريكية أن تدرك أن حل الصراع في فلسطين هو لُب وأساس استقرار المنطقة، وهو جوهر المشكلة، إذ إن جميع الصراعات الأخرى الإقليمية ترتبط بهذا الصراع بشكل أو آخر، فلطالما تم استغلال قضية فلسطين لخدمة مشاريع أخرى ظاهرها الوقوف مع الحق الفلسطيني وباطنها النفاذ إلى عقول الشعوب العربية، والتأثير عليها لصالح أجندات تخدم سياسة التدخل بشؤون الدول الداخلية.


الواقع يقول أنه بلا حل جذري قائم على مبدأ حل الدولتين، فإن المنقطة ستبقى في حالة من اللاحرب واللاسلم، وعلى الإدارة الأمريكية اليوم أن تستغل الموقف، وتبدأ البناء على الجهود التي تقوم بها دول عربية عديدة لإعادة الفلسطينيين والإسرائيليين إلى طاولة المفاوضات للخروج من حالة الجمود التي اتسمت بها العملية السياسية منذ سنوات، والضغط من أجل التوصل إلى تسوية سياسية تضمن للفلسطينيين والإسرائيلين العيش بسلام.


المستجدات على الأرض تؤكد أن الولايات المتحدة بدأت بالفعل تعيد أولوياتها، وهذا ما يفسر التحرك السريع لبايدن أثناء الحرب وجولة وزير الخارجية الأمريكي التي تبعت اتفاق وقف إطلاق النار، والتي من المؤكد أنها تحمل طرحاً سياسياً يتجاوز تثبيت الهدنة إلى شرح وجهة نظر الإدارة الجديدة لحل الصراع، وإعادة الزخم للمسار السياسي.

الخلاصة، إن الأحداث الأخيرة في فلسطين تؤكد تماماً أن المنطقة لا يمكن تجاهلها، فلا أحد يستطيع توقع ردّات الفعل التي تحدث على الأرض يومياً، والتي ما إن تقع حتى تحدث اهتزازات دولية وصراع دموي يعمق مشاكل الشرق الأوسط، ويفتح قناة جديدة من قنوات التدخل في المنطقة.