السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

تفكيك المجتمعات.. وتفريغ السكان

تزَامن الغزو السوفييتي لأفغانستان مع قيام الثورة الإيرانية عام 1979، وكانت هذه السنة بداية لعملية عفوية أو مخطط لها لاستهداف المجتمعات في العالم الإسلامي، من خلال تفريغ الكتلة السكانية من أي قيمة نوعية أو كيفية، ومن ثم مصادرة المستقبل بعد تشويه الأجيال التي من المفترض أن تقوده، وذلك من خلال خلق الظروف الموضوعية التي تؤدي إلى توطين الصراعات العنيفة بين مكونات المجتمع الواحد، سواء على أسس دينية أو طائفية، أو عرقية، وإقليمية.

يشهد التاريخ أن دولاً عديدة دخلت هذه الدوامة الدموية العنيفة، ولم تخرج منها إلى اليوم، من أفغانستان وباكستان والعراق والجزائر والسودان، وأخيراً سوريا واليمن وليبيا ونيجيريا ومالي والصومال.. إلخ.

هذه نماذج تبين لنا من خلال التجربة التاريخية أن هناك أهدافاً خافية علينا خلف ما نراه من ظواهر، وما يرفع فيها من شعارات، أهم هذه الأهداف هي:


أولاً: تفكيك المجتمعات في الدول الإسلامية خصوصاً السُنية منها، وذلك من خلال تشويه البنية الديموغرافية، ومصادرة المستقبل من خلال القضاء على جيل كامل، ودفعه إلى التطرف والعنف والإرهاب، ومن ثم تحويله من كونه عامل بناء وتنمية وتطوير وتقدم إلى معول هدم وتدمير، وهذا الجيل كفيل بإخراج أجيال متتالية أكثر منه تخلفاً وعنفاً وتدميراً.


ثانياً: أن هذه الحرب الديموغرافية على المجتمعات السنية من باكستان حتى نيجيريا ومالي، ومن العراق وسوريا إلى الصومال ترتبط بالتحولات الديموغرافية في العالم الغربي، والتوقعات بالتراجع الشديد في أعداد السكان في الدول الغربية، والخوف من فيضان بشري من الجنوب، وإذا كان من الصعب القضاء كمياً على أعداد هائلة من السكان، فإنه من السهل جداً تحويل هؤلاء السكان إلى ركام رقمي لا قيمة له، لأنه غارق في الجهل والفقر والمرض والتخلف الفكري، ومن ثم لا يمثل تهديداً مستقبلياً.

ثالثاً: لعبت الدول الطائفية مثل إيران دوراً في هذا الصدد من خلال تدمير المجتمعات السنية في الدول التي تقع ضمن رؤيتها الإمبراطورية، فمارست هذه الحروب الديموغرافية عليها من حيث الكم بالتهجير القسري، والتغيير الديموغرافي، ومن حيث الكيف بالقضاء على أجيال من الشباب، وتحويلهم إلى التشرد والجهل والتخلف في الدول التي نجحت في تفجيرها مثل العراق وسورية واليمن.

وهنا نستطيع أن نخلص إلى أن حروب العراق وسوريا واليمن سوف تستمر لأنها تحقق أهدافاً ديموغرافية لإيران، قد يكون منها استنزاف دول أخرى وتعطيل خطط التنمية فيها.