الأربعاء - 17 أبريل 2024
الأربعاء - 17 أبريل 2024

قضايا كبرى في فخ الشعارات

أحيا اليمنيون في الأيام الماضية ذكرى مرور أكثر من ثلاثة عقود عن إعلان الوحدة بين شطري الدولة في مايو من عام 1990، وقد تباينت طرق استحضار هذه الذكرى بين فريقين، الأول اعتبرها فرصة للتأكيد على ديمومة هذا المناسبة وخلودها، بينما الفريق الآخر تعامل معها بشكل عكسي بوصفها حدثاً تاريخياً مقتطعاً انتهى به المطاف إلى الفشل.

وما يميز معظم تلك الآراء التي تم تداولها شعبياً على نطاق مواقع التواصل الاجتماعي أو رسمياً عبر إصدار التصريحات السياسية حول الوحدة اليمنية، أنه يغلب عليها غياب الرؤية الموضوعية، وإعادة التقييم، وأحياناً الانفعالية التي باتت سمة من سمات المشهد اليمني المضطرب والمتشظي.

وخلال ثلاثة عقود منصرمة وتحديداً منذ حرب صيف 1994 تحولت الوحدة والانفصال إلى قطبين من أقطاب الجذب السياسي في اليمن، بل إنها تحولت في محطات كثيرة إلى ورقة للابتزاز والنفعية السياسية، وهو ما عقّد من سبل معالجة الأخطاء التي مرت بها هذه التجربة التي مرت بمراحل عديدة، وكان يمكن تقويم اعوجاجها والتعامل معها بعيداً عن مزايدات السياسة وحساباتها الأنانية والآنية.


وقد كانت النفعية السياسية التي تعامل معها كثير من النخب والأحزاب والتيارات الفاعلة في المشهد اليمني أحد أبرز مظاهر الإضرار بالوحدة، والدليل على ذلك أن كثيراً ممن كانوا يطالبون بفك الارتباط في مرحلة ما عندما كانوا خارج دائرة التأثير، أصبحوا بعد ذلك في طليعة المتشبثين بالوحدة، كما تحول بعض المؤمنين بها إلى أقطاب في معسكر المطالبين بفك الارتباط في مراحل تالية.


ومن بين ضجيج المحاكمات الإعلامية التي باتت سمة من سمات العبث السياسي في المشهد اليمني، تظل الحقائق هي الخاسر الأكبر، والمواطن البسيط هو المتضرر الأوحد من لعبة تبادل الكراسي والمواقع، وتغيير الاصطفافات، وكل ذلك يتم من دون ملامح لانفراج في طريقة تعامل الساسة مع القضايا الكبرى، والالتفات إلى الوراء لتصحيح الأخطاء، انطلاقاً من مصلحة الوطن الذي يكتوي بنار الحروب والصراعات، ويزداد فيه الفقراء فقراً بينما يراكم الفاسدون والمنتفعون وتجار الحروب من ثرواتهم، ويحولون من كل مناسبة فرصة سانحة لإطلاق الشعارات الجوفاء التي ينساق لها كثير من البسطاء ويقع في شركها الجائعون!