الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

التائهون عن هويتهم

الضياع بين هوية «الأنا» و«النحن» يبدو جليّاً لدى الإنسان العربي في الوقت الحديث المعاصر، فلا يكاد يعبر عن انتمائه الذي يعرف حسب موريس إنجليش بـ«اتجاه يستشعر من خلاله الفرد توحّده بالجماعة وبكونه جزءاً مقبولاً منها، ويستحوذ على مكانة متميزة في الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه»، سرعان ما تظهر عليه نوازع «الاغتراب» نتيجة لعوامل عدة تفرض نفسها على محيط الفرد وتوجهاته.

الاغتراب يبدو من وجهة نظر كارل ماركس مربوط بالوضع الرأسمالي المفروض عالمياً كنظام بدا يلقي بظلاله على بقعتنا العربية، فهو يرى أن الاغتراب صفة ملازمة للمجتمعات الرأسمالية التي حوّلت العامل إلى كائن عاجز وسلعة، بعد أن اكتسبت منتجاته قوة مستقلة عنه بل معادية له، فتتزايد قيمة الأشياء وتتدنَّى قيمة الإنسان.

يبدو هذا التحليل فضفاضاً في ضوء مؤشرات حقوق الإنسان داخل قطرنا العربي، والتي تتذبذب حسب معطيات الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية، لكني لست بصدد الخوض هنا في هذا الملف، بل ما يهمنا اليوم هو الأزمة الأعمق التي تمس القيم الاجتماعية والدينية والثقافية ومفاهيم الولاء والانتماء، التي اختلطت بنسق فكرية دخيلة أدت إلى اغتراب الإنسان عن ذاته.


الوضع يشبه الهيمنة الثقافية التي كان يمارسها المستعمرون للبلاد العربية لطمس هوياتهم وإحلالها بهوية المستعمر، إلا أن الأسلوب والشكل اختلفا مع اختلاف تفكير وتوجهات الأجيال، وأنماط الانفتاح على الآخر بشكل أحدث صدمة داخلية في بعض المجتمعات.


نحن كعرب أمام معضلة تشويه الهوية، خاصة بين فئات الشباب المندفعين الذين أضاعوا بوصلتهم، مغتربين أولاً عن ذواتهم وثانياً عن قيمهم، فيظهر إخفاقهم في التأقلم مع المتغيرات.