الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

قوة خيرية عظمى

يقارب حجم الأعمال الخيرية في العالم التريليون دولار سنويًا، الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة الأولى في العالم في حجم التبرعات للأعمال الخيرية، حيث وصلت في عام 2014 إلى أكثر من ثلث تريليون دولار.

وتحظى مؤسسات مثل «جمعية الطريق المتحد» و«فرقة العمل المعنية بالصحة العالمية» و«منظمة تغذية أمريكا» ترتيبًا مهمًا من بين أكثر من مليون جمعية خيرية أمريكية، تزيد إجمالي أصولها عن ثلاثة تريليون دولار.

إن «منظمة تغذية أمريكا» والتي تعمل على دعم العائلات الفقيرة، قد ساهمت في الحدِّ من الجوع في أوساط الفقراء الأمريكيين، حيث تمتلك المؤسسة (200) بنك طعام في كل الولايات، وتنفق أكثر من (100) مليار دولار سنويًا.


لقد أعطت مؤسسة «بيل وميليندا غيتس» الخيرية شهرة عالمية للأعمال الخيرية.. حيث يزيد حجم المؤسسة في عام 2021 على 50 مليار دولار، لقد قدمت المؤسسة فكرًا خيريًا جديدًا، حيث جرى تقديم مفهوم الكفاءة في الإدارة الخيرية، واعتماد المتطوعين توفيرًا للرواتب.


وحسب مجلة «إيكونوميست» فإن إدارة المؤسسات الخيرية باعتبارها مؤسسات ربحية قد أدى إلى ارتفاع عوائدها، وطبقًا لدراسة في جامعة جورجيا فإن الإدارة الاقتصادية للمؤسسات الخيرية في الولايات المتحدة وبريطانيا، قد ساعد على نمو حجم أعمال المؤسسات بعد زيادة أرباحها.

لم تقف مؤسسة غيتس على تقديم مفاهيم الإدارة الاقتصادية للمؤسسات الخيرية فحسب، بل نجحت في استقطاب كبار الأثرياء للتبرعات السخيّة، وكان أبرز المتبرعين في العصر الحديث الملياردير الأمريكي «وارين بافيت» الذي تبرع بأكثر من (27) مليار دولار لمؤسسة غيتس.

في عام 2010 أطلق بيل وميليندا غيتس مبادرة «تعهّد وعطاء»، وهي المبادرة التي دعت أثرياء الولايات المتحدة للتبرع بمعظم ثرواتهم في حياتهم، أو النصّ على ذلك في وصيّتهم بعد رحيلهم.

وعلى الرغم من أن ذلك التعهد غير ملزم قانونًا، إلّا أنه ساهم كثيرًا في دعم توجهات الرأسماليين الكبار نحو العمل الخيري، حيث تزيد إجمالي التبرعات في الولايات المتحدة عن (2%) من الناتج الإجمالي، ويزيد الرقم بالتالي عن ميزانيات عدة دول مجتمعة.

هناك ما هو مهم للغاية في هذا الإطار، وهو ظهور نمط جديد من الرأسمالية الأخلاقية في أوروبا.. حيث تأسست شركات تُسمى «شركات الغرض»، وهي شركات تقوم على تحويل إطارها القانوني من «الملكية» إلى «الأوقاف»، حيث يتنازل الملاّك عن شركاتهم، وتتم إدارتها بكفاءة من أجل الربح، على أن يصبّ ذلك الربح في الشركة من جديد، وليس في جيوب أصحابها أو الرؤساء التنفيذيين.

في عام 2021 بثّت قناة «دويتش فيلله» الألمانية وثائقي مثير بعنوان «تحديث الفكر الرأسمالي.. لا للجشع».. حيث جرى عرض ذلك النمط الجديد من الشركات ذاتية الملكية، وغير القابلة للبيع، وذات الغرض، والغرض ليس الربح بل الرسالة.

إن «الأوقاف الرأسمالية» تمثل تطورًا مذهلاً في إطار تعظيم الدور الإنساني للاقتصاد، وهو ما يجب دعمه، ليكون مسار «الأوقاف الرأسمالية» موازيًّا لمسار «المؤسسات الخيرية» لأجل عالم أفضل.