الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الانتخابات الجزائرية.. والبحث عن عدوّ

لا أحد يسأل في الجزائر عن التميز في الانتخابات المُقبلة، المزمع إجراؤها يوم الثاني عشر من يونيو الجاري، لأن أهوال الحاضر وأوجاعه لم تتح فرصةً لمن أراد أن يذكّر بنتائج التجارب الماضية في الانتخابات، إذ أصبحت مطالب «الحراك» مُحقَّقة ـ أغلبها طبعاً بطريقة وهميّة ـ بتفسيرات تشي بعداء مستفحل لأيِّ تطور وقائع الحاضر ـ يحاول أصحابه الاتجاه نحو المستقبل.

لقد نضج الجزائريُّون سياسيّاً بما فيه الكفاية، وخلال العقود الثّلاثة الماضية، سطّروا تاريخهم بالدماء والأَعْمار والمال، وكأنه مكتوب عليهم أن يواصلوا حياتهم في حروب إن لم تفرض عليهم من الخارج، فسيجبرون أنفسهم عليها من الداخل، وهذا يشكل اليوم حقيقة الفعل السياسي ورهانه، ومع ذلك فهم يودون النصر بأي وسيلة كانت إلا على الذات.

لنتأمل تاريخنا الطويل في الجزائر، قبل أن تحمل بلادنا هذا الاسم وبعده، وعلى مدار قرون، يوم كنا لا نزال في عالم الغيب، إن شئنا وضعنا نقطة البدء عند ظهور الدولة «النوميدية»، سنجد أننا دائماً ننتصر في الحروب الكبرى، أي ضد عدو خارجي، وتطول الحرب بيننا حين تحل الفتنة في الداخل، وفي الحالتين نقاتل ببسالة، وفي الغالب ننتصر، وحين ننهزم أو نستعمر، تُنْقل فكرة التحرر والاستقلال عبر جينات وراثية للأجيال، فالجزائريون لا يرثون الصفات الوراثية من بعضهم فقط، وإنما يرثون أيضاً منظومة الأفكار، ومعادن أرضهم، ونسبة كبيرة منها هي بنت البشر والتراب والتاريخ.


غير أننا في محطات كثيرة، هُزِمْنا شرّ هزيمة، حين تعلق الأمر بالجهاد على مستوى الجبهة الداخلية، وفي الغالب لا نتحرك بروح الجماعة، إلا بوجود قائد أو زعيم، صحيح نحن شعب يحمل دائماً تمرداً على سلطة الدولة المركزية، ويخلط ـ أحياناً ـ بين الحرية والفوضى، لكن يقبل ـ بحب ـ قائداً أو زعيماً حتى لو كان ذا قبضة حديدية إن وثق فيه، واعتقدَ جازماً بصدق نواياه وفعله، وتلك الحالة أظهرتها نجاحات سياسية تحققت في الماضي القريب، وعمّقتها نجاحات رياضية (أقصد كرة القدم) ها هي تتحقق اليوم.


وعلى خلفيّة هذا الشرح، ننتهي إلى النتيجة الآتية: الانتخابات البرلمانية الجزائرية (انتخابات المجلس الشعبي الوطني) وأي انتخابات أخرى في المستقبل، لن تكون ذات جدوى من حيث نتائجها، ولا حتى نسبة المشاركة فيها، إلا إذا كان لنا زعيم أو قائد يمثل ركناً شديداً نأوي إليه، وهو ما نتمناه وإن كان بعيد المنال، أو نبحث عن عدو نحاربه، وما أكثر أعداءنا في الداخل، فلْنُوَاجه أفكارنا وأفكارهم بحرب تكون أقرب إلى الجهاد الأكبر.