الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

قنبلة «مخيم الهول» السوري

تباينت وجهات النظر إلى حد الاختلاف وتبادل الاتهامات بين أطراف عراقية في الحكومة ببغداد والإدارة المحلية في مدينة الموصل، حول قرار إعادة ما يقرب من 100 عائلة من مخيم الهول السوري الذي يقع قرب الحدود العراقية وبمسافة 40 كيلومتراً شرق الحسكة، تلاحقهم إدانة مجتمعية كبيرة ومخاوف زمنية جدية في أنهم من ذوي تنظيم داعش.

الاعتراضات تركزت حول خطورة أن يختلط هؤلاء بالمجتمع الذي عانى مدة ثلاث سنوات من احتلال التنظيم المتطرف، وأن أفكاره المسمومة لا تزال عالقة بذويه، كما أن المجتمع قد تصدر عنه ردود فعل انتقامية، لا سيما من أهالي الضحايا الذين نكّلَ بهم داعش قبل سنوات، وهذا يخلّ بالاستقرار الأمني الذي اتضحت معالمه في الموصل منذ فترة قصيرة.

لكن الحكومة العراقية تقول إن خطوتها سليمة لأنها تعالج مشكلة قائمة، ولا بد لها من حلول، وإن استمرار بقاء نساء وأطفال في داخل مخيم الهول ذلك المجتمع المتشرب بأفكار التطرف سيسهم في توليد قنابل موقوتة، أشد من تلك التي نخشاها في حال عودتهم إلى مخيمات جديدة قرب الموصل تخضع للتأهيل والتثقيف لإزالة أدران مرحلة مقيتة، لا يمكن تركها إلى ما لا نهاية دون تحمل المسؤولية في مواجهتها.


وعمل الجهد الحكومي الإداري والأمني في خلال سنة تقريباً، عبر زيارات متعددة إلى مخيم الهول، على انتقاء العوائل القابلة للإصلاح، والتي لم تكن جزءاً فعليّاً من أعمال التنظيم الإجرامية، وجرى ذلك من خلال آلية التدقيق في السجلات الأمنية.


مسوغات كلا الجانبين لها أدلة مقنعة، لكن المصلحة الأكيدة هي في التصدي للمشكلة في منطقة قلقة لا تكاد تخضع لسيطرة الدولة السورية في شرق الحسكة، كما أن دول العالم التي لها مواطنون متورطون في الانضمام للتنظيم ولا يزالون في ذلك المخيم بدأت تعي مسؤوليتها في ضرورة استعادة مواطنيها، كما حصل قبل أيام مع الهولنديين.

غير أن استجابة دول العالم المعنية ليست على مستوى واحد، أو حتى مستوى مقبول من المسؤولية في العمل الجاد لتجفيف هذه البؤرة، التي تنمو فيها أفكار التطرف على نحو سري، وأحياناً بشكل علني، كما سجلت ذلك كاميرات قنوات إعلامية.

كون العراق أكثر الدول المتضررة من ويلات داعش، فهو يتحرك بوعي عالٍ متجاوزاً الصمت الدولي إزاء مشكلة حقيقية، يمثلها أكثر من سبعين ألفاً من ذوي التنظيم، أو الذين عاشوا اضطراراً تحت سيطرته، وفي كل الأحوال لَا بُدّ من التفكير السريع لحلها.