الثلاثاء - 19 مارس 2024
الثلاثاء - 19 مارس 2024

عوائق التَّسامح

الدعوة إلى التسامح والترويج لهذه الفضيلة العظمى، وأيُّ تسامح بدون أن تواكبه ذهنيَّة جماعيَّة قادرة على التصالح مع الذات، وقبول الآخر والتعايش والحوار معه، والأحاسيس الرَّاقية مع الآخر والمختلف معه، لا يمكن أن يوجد ثورة مجتمعيَّة ناهضة.. دعونا إذن نعدِّد العوائق الأساسيَّة التي هي حجر عثرة للتسامح بكل أوجه الخير فيه.

فالاستقطاب الطائفي أكبر معول هدم لتقويض الدولة الوطنيَّة من خلال إثارة النعرات، لتنصهر المجتمعات في قوالب من الكراهية، حيث لا معنى لِقيم التسامح ما دام هناك فشل في تحقيق التعايش، والقبول بالتعدُّديَّة.

كما لا يمكن إحلال السلام والأمن الوطنيين بدون تمرير التسامح بكل تجلياته القيميَّة بين الأقليات، ولن يتحقَّق هذا إلا بلغة التوافق والحوار المشترك، فالتجانُس الإنساني ضرورة ملحة لبناء حضارة الإنسان، وترسيخ قيم التعاون والسلام مع الآخر.

التسامح طاقة خلاقة، أكبر من إهدار الدم، وترهيب المختلف أو الضرب على عصب التعايش، فالمناخ الآمن لذيوع مفهوم التسامح، والانفتاح على الثقافات يظهران التسامح في أرقى تجلياته، والذي لا يستقيم بدون استدعاء أعمدة الشراكة الإنسانيَّة (الثقافة والأدب والفنون) حتى تستطيع الأمم والمجتمعات بناء عالم أكثر أمناً وعدالة، وهو نموذج مثالي من أجل السعي نحو الحياة الكريمة، ومواكبة تجربة الإنسان المعاصر نحو البناء، والتنمية المستدامة.

إن البيئات المتسامحة تجلب لنا الأمن والحريَّة والشعور بالكرامة، والتسامح ليس قيمة واحدة، بل مجموعة من القيم الأصيلة، لا يستقيم معناها إلا بتماسُك بعضها ببعض، وهي تنطوي على التعددية والتعايش والانفتاح والحوار من أجل بناء الحضارة البشريَّة.