الثلاثاء - 19 مارس 2024
الثلاثاء - 19 مارس 2024

فرنسا.. الانقسام السياسي والانتخابات

تظهر دراسات رأي أنجزت على بعد أقل من سنة من موعد الانتخابات الرئاسية، أن الفرنسيين منقسمون هذه المرة بين من يريد أن يعاقب إيمانويل ماكرون، ومن يريد أن يتصدى لمارين لوبين.

صحيح أنه في علوم السياسة تبدو السنة كأنها دهر قد يحمل في طياته جميع أنواع المتغيرات، لكن الصورة الآنية تظهر لأول مرة توازناً بين مجموعتين متناقضتين، يرسم معالم المعركة بينهما، ونوعية وطبيعة الصراع السياسي الحالي في فرنسا.

المجموعة الأولى تريد أن تمارس تصويتاً عقابياً ضد ماكرون، باعتبار أن ولايته فشلت في تلبية حاجات الفرنسيين وإيجاد حلول لمشاكلهم، وهذه المجموعة تحتوي على عناصر من اليمين التقليدي المعارض، ومن اليمين المتطرف، ومن شرائح من اليسار التي شعرت بأن ماكرون انتخب باسمها، واستعمل إرثها السياسي وخان تعهداتها وقيمها في ممارسته اليومية.


أما المجموعة الثانية، فيتزعمها اليسار بكل أطيافه مدعوماً بجزء من اليمين التقليدي، الذي عبر عن استعداده للقيام بكل المبادرات وإنجاز كل التحالفات من أجل منع اليمين المتطرف من الاستيلاء على السلطة في فرنسا.


وهذا الاتجاه يهدف إلى إيجاد جبهة جمهورية، سيكون شعارها الأساسي: يجب ألا يسقط قصر الإليزيه بأي ثمن في جعبة اليمين المتطرف، حتى وإن كلف ذلك الاصطفاف وراء ترشيح الرئيس ماكرون لمنحه ولاية ثانية.

في الاستحقاقات الماضية كانت هذه الوضعية السياسية طبيعية ونتيجتها معروفة سلفاً، والكل كان يتحدث عن عدم قدرة اليمين المتطرف على كسر ما بات يعرف إعلامياً بالسقف الزجاجي، الذي كان يمنعه من تجاوز نسبة ربع المخزون الانتخابي.

اليوم تغيرت ملامح المعادلة السياسة، وبدا الجميع يتوقع أن يتحقق غداً ما كان أمس يعتبر كابوساً انتخابياً، وبلغة الأرقام يعني أن هناك قناعة بأن التطرف السياسي قد يحقق نسبة 51%.

وظهرت في هذا الإطار نزعات قوية جديدة تقول: إنه من شدة معارضتهم للرئيس إيمانويل ماكرون، وقوة حرصهم على أن يحرموه من ولاية ثانية، وفي غياب منافس جدي يأتي من صفوف اليمين التقليدي، فإنهم سيستثمرون هذه المرة في اليمين المتطرف، الذي بدأت عدة وسائل إعلام فرنسية تهيئ الأجواء لوصوله إلى السلطة.

بينما يبقى التساؤل مطروحاً: ما قدرة باقي القوى السياسية على إنجاز هذه الجبهة الجمهورية لإحباط حلم اليمين المتطرف بالدخول إلى قصر الإليزيه؟