السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الجزائر.. «أحزاب بوتفليقة» تكتسح التشريعيّات

أفرزت الانتخابات التشريعية الجزائرية ـ التي أجريت السبت الماضي 12 يونيو الجاري ـ نتائج منطقية لكنها غريبة، منطقية لأن الظروف المحيطة بالعملية الانتخابية أسهمت في إفرازها، وغريبة لأن الفائزين هم نفس الأحزاب التي كانت ممثلة في البرلمان المحل.

النتائج المعلنة من اللجنة الو طنية المستقلة للانتخابات ــ وإلى غاية اعتمادها من المجلس الدستوري ــ بيّنت بوضوح عودة التيار الوطني بقوة، حيث فازت جبهة التحرير الوطني بـ105 مقاعد، والتجمع الوطني الديمقراطي بـ57 مقعداً، وجبهة المستقبل بـ48 مقعداً، وهذه الأحزاب الثلاثة إن تحالفت بإمكانها تشكيل الحكومة، لأنها تتجاوز النسبة المطلوبة.

كما أسفرت نتائج الانتخابات عن فوز حركة مجتمع السلم (حمس) 64 مقعداً، وجاءت في الترتيب ثالثاً من الناحية العددية بعد المستقلين، حيث حصلت مجموع قوائمهم على 78 مقعداً، هذا في حين فازت حركة البناء الوطني( حزب إسلامي) بـ 40 مقعدا، كما فازت أقلية قليلة من المجتمع المدني الذي راهن عليه الرئيس عبدالمجيد تبون.

إن هذه الأحزاب الفائزة، هي نفس الأحزاب التي كانت في عهد الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، بل إن أهم حزبين كانا مواليين لبوتفليقة (هما الجبهة والتجمع) حصدا (162 مقعداً، أي أكثر من ثلث المقاعد، وكان النصيب الأكبر لجبهة التحرير بـ105 مقاعد، وهي الفائز الأول في هذه الانتخابات، كما ذكرنا في بداية المقال.

وعلى خلفية هذه النتائج، يسأل المراقبون: ما جدوى إقدام الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون على حل البرلمان، وتنظيم تشريعيات مبكرة وإنفاق قرابة 2 مليار دولار؟ وهل فشلت سياسته في المراهنة على المجتمع المدني وتمييزه بقانون يمنح مساعدة مالية بقيمة 2500 دولار للشباب الأقل من 40 سنة؟

وتتحكم عوامل سياسية وقانونية في بروز هذه النتائج، فمن الناحية القانونية هناك مادة تقصي من «توزيع المقاعد» كل قائمة لا تتحصل على 5 %من الأصوات، وبذلك ذهب «السمك الصغير» (المجتمع المدني) ضحية للقانون، وكان «الحوت الكبير» (الأحزاب التقليدية) أكبر مستفيد.

أما العوامل السياسية، فتتلخص في المقاطعة أو العزوف الواسع جداً (80 %من المقاطعين)، والذي كان في صالح الأحزاب المشاركة، لأن وعاءها الانتخابي ثابت، ومناضليها ملتزمون، خاصة الإسلاميين.

أما فوز 3 أحزاب من التيار الوطني، فيرجع إلى القوة الناخبة المقدرة بنحو مليون صوت، تمثلها الأسلاك النظامية (الجيش، الشرطة، الدرك، الجمارك، الحماية المدنية)، وعادة تذهب أصواتها للتيار الوطني، ويضاف إليهم طبعاً أصوات المناضلين.

ولا يزال الشعب مصدوماً من النتائج التي عادت به إلى عام 2019، والتي كانت سبباً في ميلاد الحراك الشعبي الذي أطاح بالرئيس بوتفليقة، ومن جهة أخرى، لا تعكس النتائج «الجزائر الجديدة» التي جاء الرئيس تبون لبنائها. ما يولد تساؤلات عن مدى قبولية الشعب لهذه النتائج، خاصة أن المصوتين عليها لا يتعدون 3.5 مليون صوت من أصل 23.5 مليون ناخب، من أصل 45 مليون مواطن.

وهنا تطرح تساؤلات أخرى أيضاً، من مثل: كيف سيتصرف النظام مع هذه النتائج؟ وكيف يقنع الشعب بقبولها؟ وما مستقبل المجتمع المدني الذي لم يبقَ «مدنيّاً»، ولم يصبح «سياسياً»؟