الأربعاء - 17 أبريل 2024
الأربعاء - 17 أبريل 2024

نقد الحكومة أم نقض الدولة؟

عندما لا تحقق قرارات وسياسات الحكومات الطموحات، أو لا تمثل الوعود التي تم اختيار هذه الحكومات بناء عليها، في هذه الحالة يسمى هؤلاء الرافضون لسياسات الحكومة معارضة سياسية، لأنهم يعارضون السياسات فقط، وهؤلاء عادة ينتظمون في أحزاب أو نقابات أو مجتمع مدني، وتكون معارضتهم من خلال المؤسسات الدستورية للدولة ذاتها؛ ممثلة في البرلمان، أو النقابات، والاتحادات، أو في الفضاء الشرعي للمعارضة مثل وسائل الإعلام، أو الكتابة...الخ.

هذه هي المعارضة السياسية المشروعة قانوناً، من شروطها أن تكون داخل الدولة، ومن خلال المؤسسات الدستورية، وبالطرق السلمية فقط، أما إذا تحولت معارضتهم إلى عمل سري، أو عنيف، أو تخريبي، فهذه لم تعد معارضة، بل صارت خروجاً عن النظام والقانون، وعملاً إجراميّاً تخريبيّاً يجب أن يقابل بكل قوة وحزم من خلال مؤسسات إنفاذ القانون ممثلة في الشرطة والجيش.

وفي حالة الدولة التي لا تستعمرها دولة أخرى؛ فالمعارضة يجب أن تكون من داخل الدولة ذاتها، أما إذا انتقلت المعارضة الى خارج وطنها، واتَّخذت من دولة أخرى مقرّاً له؛ وفي العادة تكون هذه الدولة معادية لدولتها بدرجة أو بأخرى، أو تتخذ موقفاً سلبيّاً منها، أو تريد تغيير النظام فيها، أو الضغط عليه لتمرير سياسات معينة من خلال ورقة المعارضين المقيمين على أرضها، لأنه لو كانت العلاقات بين الدولتين سليمة لم تسمح الدولة التي لجأ إليها المعارضون بأن يتخذوا أرضها مقراً لزعزعة استقرار دولتهم.


وفي هذه الحالة تنقلب المعارضة في نظر الدولة التي ينتمي إليها المعارضون إلى خيانة، لأنهم مكنّوا أعداء دولتهم من أوراق ضغط سياسية تبتزها بها، وأصبحوا أداة للعدو ضد دولتهم، وقدموا لتلك الدولة مصادر قوة تنال من قوة دولتهم، وأتاحوا لتلك الدولة أسراراً، أو معلومات تهدد أمن دولتهم.


لذا فالمعارضة من خارج الدولة خصوصاً من دول ليست على وفاق مع دولتهم تفقد صفتها السياسية، وتتحول إلى خيانة وطنية، وهنا يصبح هؤلاء المعارضون هدفاً لدولتهم، تسعى لوضعهم على قوائم الإرهاب، أو الإنتربول إذا تمكنت من إصدار أحكام جنائية ضدهم، وتستخدم معهم كل السبل لوقف الضرر الذي يسببونه لها.

كثير ممن يختبئون خلف وصف المعارضة لحكوماتهم من خارج دولهم هم أقرب للخيانة لأوطانهم، لأنهم صاروا أدوات في يد حكام يسعون لتدمير دولهم، وإفشال مجتمعاتهم؛ لأهداف لا علاقة لها بأحلام ولا بأهداف هؤلاء المعارضين.