الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

قبل أن يضيع لبنان

كتبت عن لبنان أكثر من مرة، وتساءلت: أين العالم من لبنان؟ من وطن ينهار كل يوم ولا يجد من ينقذه؟

لا يعقل أن يعجز المسؤولون في لبنان عن تشكيل حكومة تواجه مشكلات الشعب، وكيف لا يسمعون صرخات الناس، حيث لا خبز، ولا لبن للأطفال، ولا بنزين للسيارات، ولا أمن في الشوارع، وحتى الجيش اللبناني يفقد وجوده في الشارع.

من يصدق أن سعر الليرة اللبنانية وصل إلى 1500 أمام الدولار الأمريكي، ومعها انهار الاقتصاد اللبناني، وتحت ضغط صعوبة الحياة بدأ الشباب يفكرون في الهجرة إلى دول غرب أفريقيا، كما فعل أجدادهم منذ عشرات السنين.


لا أستطيع القول: إن العالم تخلى تماماً عن لبنان، ولكن حجم المساعدات لا يكفي، وهو يحتاج إلى دعم يخرج به من هذا الكم من الأزمات والكوارث.


ولم يكن العالم فقط هو الذي تخلى عن لبنان، ولكن أثرياء لبنان وكبار المسؤولين فيه أيضاً فعلوا ذلك، فمنهم من هرب، ومنهم من تخلى عن مسؤولياته، حتى وهو بالداخل، وبذلك أصبح لبنان وطناً ممزقاً أمام شعب لا يستطيع مواجهة الحياة.

لبنان اليوم بدون اقتصاد، وبدون خدمات، وبدون حكومة، وبدون طعام للأطفال، وقبل هذا كله نحن أمام اقتصاد بلا موارد، حيث توقفت تماماً السياحة وهي أهم مصادر الدخل، وتوقفت تحويلات اللبنانيين في الخارج، وجاءت كورونا وغيَّرت كل الحسابات ـ علاجاً وسفراً ودخلاً وأعباء على الشعب والحكومة ـ لهذا لم تعد قضيَّة دعم لبنان خاصة بالدعم المالي، وإنما دعم شامل من أجل الاستمرارية والحياة.

لا شك أن لبنان يحتاج إلى وقفة عربية حاسمة وداعمة، ولكن لا يمكن لأي عاقل أن يتصور بقاء لبنان بلا حكومة وهو يعاني من انقسامات داخلية، وصلت به إلى هذه المأساة وحالة الفوضى، التي قد تصل إلى درجة المجاعة.

لقد كان لبنان هو الأغنى والأرقى والأجمل، وكان ملاذاً للحريات في عالمنا العربي، وهبطت عليه الكوارث مرة واحدة ما بين الفقر والإفلاس والانقسامات والحرب الأهلية التي دمرت كل شيء.

إن إنقاذ لبنان ليس أمراً مستحيلاً، فهو يملك من العقول القادرة على تدبير شؤونه، وعليها فقط أن تنسى خلافاتها، وتوحّد إرادتها لإنقاذ شعبها.

ضياع لبنان ليس خسارة عادية، فهو وطن لا يعوض وحوله أطماع كثيرة، والشعب اللبناني من أكثر الشعوب العربية فراسة ووعياً، لذا على العقلاء من أبنائه أن يستردوا وطنهم قبل أن يضيع.