السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

فرض الإرادة ليس حَلاًّ

كما ذكرنا من قبل ـ في مقالات سابقة ـ فإن حالة الغضب المصريَّة مفهومة تماماً.. التهديد ليس تهديداً فرعياً أو مخاطرة بشأن هامشي، لكنه تهديد لشريان الحياة منذ نشأة الدولة على ضفاف النيل قبل آلاف السنين، وأن يأتي صوت إثيوبي الآن، ليتحدث عن بيع المياه فهذا أمر يتجاوز في المنظور المصري كل الحدود.

لقد نفى بعض أعضاء لجنة التفاوض المصرية بشأن «سد النهضة» إثارة إثيوبيا لفكرة شراء المياه خلال المفاوضات، على الإطلاق، وأن ما طرح هو استعداد القاهرة لتعويض إثيوبيا حال حدوث عجز في الكهرباء من خلال بناء شبكة موحدة بين البلدين لسد العجز الذي قد يحدث.

رغم هذا التوضيح إلا أن إثارة مسألة بيع المياه أثارت حساسية عالية لدى المصريين، وهذا الأمر بالنسبة لهم أمر مرفوض تماماً، وأن الإرادة الإثيوبية لن تفرض أي وضع على مصر بأيِّ شكل من الأشكال، حيث تحكم لجان التفاوض المصرية مجموعة من المحددات خلال التaفاوض، أولها: عدم التفريط أو الانتقاص من الحصة المائية، وثانيها: أن يكون الضرر أقل ما يمكن، وثالثها: ألا تستخدم إثيوبيا السد كغطاء سياسي لفرض إرادتها.


فيما يبدو فإن احتمال التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن سد النهضة حالياً أقل من 50%.. القضية الآن لم تعد مفاوضات بين ثلاث دول، لكنها أصبحت دولية، نتيجة التطورات الأخيرة.


فالأمر لم يعد مفاوضات، بل أصبح صراعاً قانونياً ودبلوماسياً على أعلى مستوى، والعالم كله يعلمه ويتدخل فيه، بعد أن عقد فريق التفاوض المصري ما يزيد على 50 جلسة مع مراكز صناعة القرار في دول العالم لعرض المشكلة.

دول ومؤسسات عالمية ودولية عديدة تسعى للتدخل في الملف، لإدراكها بأن الوضع في هذه المنطقة أوشك على الانفجار، وأنه لا سبيل لنزع فتيل الأزمة إلا بالوصول إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف، فيحفظ لإثيوبيا تنميّتها، ويحفظ لمصر والسودان أمنهما المائي، الذي هو «جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي» مثلما أكد وزراء الخارجية العرب الذين اجتمعوا في الدوحة مؤخراً.

إثيوبيا لا تزال مصرَّة على رفضها الحلول الدبلوماسية إلا انصياعاً لشروطها، وكأنها تتعجل الانفجار، حيث أعربت وزارة الخارجية الإثيوبية عن رفضها لموقف جامعة الدول العربية بشأن سد النهضة، مؤكدة أن الملء الثاني لخزان سد النهضة سيتم في موعده.

تضع أديس أبابا شروطاً تعجيزية، والعالم، أو من يدرك الخطر، يحاول تدارك الانزلاق نحو مخاطر سيدفع ثمنها الجميع.