السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الإمارات والصين.. علاقة استراتيجية وآفاق واعدة

العلاقة بين الصين ودولة الإمارات العربية المتحدة راسخة، وقد بدأت رسمياً في 3 ديسمبر 1971؛ أي بعد يومين على قيام دولة الإمارات، حينما بعث الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان برقيّة إلى رئيس مجلس الدولة الصيني شو إن لاي، يبلغه فيها بقيام الدولة، ورد شو إن لاي ببرقية تهنئة، يؤكد فيها اعتراف الصين بدولة الإمارات.

ومن ثم تأسست علاقات دبلوماسية بين البلدين في نوفمبر 1984، عندما قام وزير الخارجية الصيني آنذاك وو جوكيان بزيارة رسمية إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي، وفي عام 1985، افتتحت الصين سفارة لها في أبوظبي، وبعد نحو عامين، افتتحت الإمارات سفارتها في بكين، وفي عام 1988، افتتحت الصين قنصلية لها في دبي، وافتتحت الإمارات 3 قنصليات عامة في الصين، الأولى في هونغ كونغ في عام 2000، والثانية في شنغهاي عام 2009، وأخرى في غوانغجو عام 2016.

من ناحية أخرى، وقعت الإمارات والصين 13 اتفاقية ومذكرة تفاهم في عام 2000، أسهمت في فتح آفاق واسعة ورحبة للعمل المشترك في العديد من القطاعات في البلدين، وشملت معظم القطاعات الصناعية والتجارية بين البلدين.

وخلال زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى الإمارات في عام 2018، رفع البلدان علاقاتهما الثنائية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، وهي أعلى مستوى للعلاقات الدبلوماسية الصينية. ووفقاً للإحصائيات والأرقام، فإن الصين هي الشريك التجاري الأول للإمارات في التجارة غير النفطية، حيث بلغ حجم التبادلات التجارية غير النفطية بين البلدين نحو 50 مليار دولار خلال عام 2019، ويطمح الجانبان إلى زيادته إلى أكثر من 200 مليار دولار بحلول عام 2030.

كما قام الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، بزيارة الصين في يوليو 2019؛ تلبية لدعوة الرئيس الصيني.

من ناحية أخرى، فإن للإمارات دوراً هاماً في مشروع «الحزام والطريق»، الذي طرحه الرئيس الصيني شي جين بينج عام 2013، والهادف إلى بناء شبكة للتجارة والبنية الأساسية تربط آسيا بقارتي أوروبا وأفريقيا، وتعول الإمارات على المبادرة الصينية لتعزيز مكانة البلاد على الخريطة الاقتصادية العالمية.

وقد تطورت علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين لتشمل مجموعة متزايدة من مجالات التعاون، بما في ذلك المشروعات والمبادرات المشتركة في مجال الطاقة المتجددة والخدمات اللوجستية والبنية التحتية، وكذلك تقنيات المعلومات من الجيل التالي مثل الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى التبادل التجاري، والاستثمارات المباشرة المتبادلة بين البلدين، فضلاً عن التعاون الفني والتقني.

ويمثل تمتع دولة الإمارات العربية المتحدة باحتياطي نفطي مؤثر، وامتلاكها فوائض مالية وخبرات استثمارية وتسويقية عالية، فضلاً عن القرب الجغرافي النسبي، عوامل تساعد على تفعيل التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، ويمكن في هذا الإطار العمل على زيادة التبادل التجاري في ظل تزايد الاعتماد الصيني على النفط الخليجي، الذي بات يمثل نحو 51% من إجمالي واردات الصين النفطية من العالم،

كما يمكن الاستفادة من الخبرة الصينية في المشروعات التكنولوجية، ومشروعات الاتصالات، وتقنيات تحلية المياه، والزراعة،

وقد وجّهت الإمارات الدعوة بالفعل للفعاليات الاقتصادية الصينية لإقامة مشروعات بمدينة محمد بن راشد للتقنية بمنطقة جبل علي، كما لفت المسؤولون الإماراتيون انتباه نظرائهم الصينيين إلى أن لدى الإمارات صناعات وطنية ترغب في تصديرها مثل الألمنيوم والأسمدة الكيماوية، معربين عن أملهم في أن تجد تلك الصناعات أسواقاً لها في الصين.

وترغب الإمارات في توسيع نطاق الاستثمار وإمدادات الطاقة وحجم التجارة الثنائية مع الصين، وتعزيز التبادلات والتعاون الثنائي في مجالات التمويل، والطاقة الإنتاجية، والتكنولوجيا وقطاعي الطاقة الإنتاجية والتجارة، وتعزيز التبادلات والتعاون في مجالات المالية والعلوم الإنسانية والثقافية، وتعزيز التعاون مع الشركات الصينية في مجال العلوم والتكنولوجيا.

وتدرك الإمارات جيداً أنها إذا أرادات تعزيز حضورها في المشهد الدولي من بوابة الاقتصاد، فعليها أن تتجه نحو الصين، كما أن البلدين يسعيان إلى تحقيق التنمية والتقدم والتطور على جميع الأصعدة.

وقد سبق للرئيس الصيني شي جين بينغ أن أكد في مقال تحت عنوان «يداً بيد.. نحو مستقبل أفضل»، أن دولة الإمارات العربية المتحدة تمثل واحة التنمية في العالم العربي، مشيراً إلى أن البلدين الصديقين يُكمل كل منهما الآخر في التنمية، وهما شريكان هامان للتواصل والتنسيق في الشؤون الدولية والإقليمية، لما لديهما من رؤى تنموية متقاربة وأهداف سياسية متطابقة وروابط تعاون متنامية.

كما تعمل الإمارات جاهدة من أجل الحفاظ على موقعها الريادي، كأهم مركز لإعادة التصدير في منطقة الشرق الأوسط. وتعتبر الصين الشريك التجاري الأول لها في عام 2016، كما تعد الصين أكبر شريك تجاري للمنطقة الحرة لجبل علي، حيث تتخذ الشركات الصينية من دبي مقراً إقليمياً ومنصة لوجستية لإعادة تصدير السلع والمنتجات إلى الدول الأخرى.