الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

أفغانستان في قلب الصراع الدولي

كانت أفغانستان هي محور الأحداث والأخبار الدولية في الأيام القليلة الماضية، فبعد انسحاب 50% من القوات الأمريكية منها، أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال استقباله نظيره الأفغاني أشرف غني في البيت الأبيض قبل أيام أن: «الشراكة بين الولايات المتحدة وأفغانستان لن تنتهي بل ستستمر»، فالموعد النهائي للانسحاب هو شهر سبتمبر المقبل، ولكن التصريحات العسكريّة الأمريكية لا تجعل من ذلك التاريخ مُلزماً لها، وإنما الملزم هو الوضع العسكري والأمني في ذلك الوقت، في حين تتوالى الأخبار عن سيطرة طالبان على العديد من الولايات وضمها إلى نفوذها منذ أن أعلن الرئيس الأمريكي بايدن قراره بالانسحاب من أفغانستان قبل أشهر.

الأزمة التي تواجهها أمريكا في أفغانستان ليست مع الأفغانيين فقط، بل في صراع الحكومتين الرسمية لأشرف غني، وحكومة طالبان التي تفاوضت معها الحكومة الأمريكية لسنوات، وإنما مع رفض بعض الدول الأوروبية الانسحاب الأمريكي قبل التنسيق مع تلك الدول الأوروبية والتي لها قوات عسكرية وكانت جزءاً من التحالف الدولي الذي احتل أفغانستان قبل 20 عاماً، فهي تخشى تعرض قواتها للمخاطر أولاً، وتطالب أن يتم الانسحاب بعد تهيئة الظروف الأمنية والسياسية والدستورية للحكومة الأفغانية.

يرى محللون أن أمريكا لم تتخذ قرار الانسحاب إلا بعد التوصل إلى اتفاق مع حركة طالبان، وأن الاتفاق لم يأت برغبة أمريكية فقط، بقدر ما فيه من إقرار أمريكي بقدرة حركة طالبان على التأثير على مستقبل أفغانستان بعد الانسحاب، فحركة طالبان قد تسيطر على كامل أفغانستان خلال ستة أشهر من الانسحاب بحسب بعض التقارير الدولية، وإذا كان ذلك التحليل صحيحاً فإن أمريكا في هذه الحالة تكون قد اتخذت قرار الانسحاب لتخفيف الأعباء العسكرية والمالية عن نفسها، حتى لو تحول الصراع بين الأفغانيين وحدهم لسنوات وعقود، وهو ما أشار إليه المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك بقوله: «إن المنظمة الدولية تدرك تماماً ما قد يحدث خلال الأشهر المقبلة في أفغانستان».


إن التحذيرات الروسية على لسان وزير الدفاع الروسي قابلة للحدوث، فقد حذر من وقوع حرب أهلية بعد الانسحاب الأمريكي، وانتقد السياسة الأمريكية مدعياً أن أمريكا قد فشلت في تحقيق أهدافها من الحرب الأمريكية على أفغانستان طوال عقدين من الزمان، فهل كانت تفضل روسيا أن يستمر الاحتلال الأمريكي؟ أم كان يفضل أن تتوصل الحكومة الأفغانية إلى اتفاق سياسي مع حركة طالبان قبل الانسحاب؟ إنه في الحالتين يطلب المستحيل!