الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

القضاء والبرلمان ومواجهة الإرهاب

أصدرت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية حكماً نافذاً بحظر إصدار الفتوى من غير المختصين، وطبقاً للقوانين المصرية فإن دار الإفتاء هي أهل الاختصاص، أي فضيلة المفتي والمعاونون له من علمائنا الأجلاء، وينظم القانون مجالات وحدود الفتوى.

لم يتم الطعن على حكم المحكمة، ثم صار «نهائياً وباتاً»، أي يعمل به ويرقى إلى مرتبة القانون، هدف الحكم الحد من عبث رموز الإسلام السياسي بالفتاوى.

وجدنا من قبل شاباً يحاول اغتيال نجيب محفوظ، وفي التحقيقات ثبت أنه أميّ، لايقرأ ولا يكتب، لا يعرف عن محفوظ شيئاً، وإنما صدر له تكليف بقتله بناء على فتوى من أحد المتنطعين في الدين، وفي أروقة المحاكم المصرية عديد من اعترافات إرهابيين مارسوا القتل والتدمير بفتاوى أمراء لهم، لم يدرس أحدهم الفقه ولا تخصص في الفتوى، مثل القضية المسماة «داعش إمبابة»، فقد اعترف المتهمون أنهم قاموا بجرائمهم بناء على فتاوى من بعض الذين اقتحموا مجال الفتوى والتحليل والتحريم بغير علم، ولما استدعت المحكمة أحدهم، وتبين للمحكمة أنه لم يدرس علوم الدين، وكل تحصيله «دبلوم معلمين» سنة 1978، هذا الدبلوم يؤهل صاحبه أن يكون معلماً للخط العربي ودروس القراءة والكتابة لتلاميذ المرحلة الابتدائية، لكنه قفز إلى مجالات الفتوى ومنها إلى السياسة والبيزنس.


هل نتذكر محمود عبداللطيف سمكري إمبابة الذي حاول اغتيال عبدالناصر في ميدان المنشية بالإسكندرية سنة 1954، فأصاب أحد حراسه؟


لقد فعلها بفتوى من أحدهم، الثابت تاريخياً أن جماعة حسن البنا وكل الجماعات التي خرجت من عباءتها، استهدفت فور تأسيسها علماء ومؤسسات الدين لإضعاف الثقة بهم وهز مصداقيتها كي يبيحوا لأنفسهم إصدار الفتاوى والأحكام التي يريدونها، بما سوغ لهم كل الجرائم التي قاموا بها من قتل المختلفين معهم في الرأي وسرقة أموال ونهب ممتلكات المصريين، غير المسلمين، اليهود في الأربعينات ثم الأقباط في السبعينات حتى سنة 2012.

الآن نعرف أن كل تنظيم إرهابي وكل جماعة متشددة لديهم المفتي الخاص بهم، القضاء فتح الملف وأصدر حكمه، وقبله واجه رموز المجتمع من مفكرين وعلماء تلك الظاهرة ودفعوا الفاتورة كاملة، فرج فودة اغتيل، نصر حامد أبوزيد طورد، نجيب محفوظ جرت محاولة اغتياله وكذلك مكرم محمد أحمد، المسألة الآن بيد مجلس النواب، باعتباره جهة التشريع، فهل يتحرك البرلمان ويصدر قانوناً بمنع الفتوى من غير جهة الاختصاص وتحديد إجراءات رادعة بحق من يفعل ذلك؟!

ليس هذا التشريع فقط، بل أمام البرلمان واجب وطني وديمقراطي يتمثل في إصدار مجموعة من التشريعات تحاصر الإرهاب والإرهابيين.